الألغام القاتلة في سوريا.. عقبة كبرى أمام عودة النازحين وتحقيق الاستقرار
مع بدء آلاف السوريين في العودة إلى منازلهم بعد سقوط نظام بشار الأسد، يواجهون عقبة مميتة تهدد حياتهم وتعرقل آمالهم في استعادة حياتهم الطبيعية: الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة التي تغطي مساحات واسعة من الأراضي السورية. هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة دفعت منظمة "هالو تراست" البريطانية المتخصصة في إزالة الألغام إلى دعوة المجتمع الدولي لبذل جهد منسق لإزالة هذه الذخائر التي تشكل خطرًا قاتلًا على المدنيين وتعيق إعادة إعمار البلاد.
ألغام منتشرة في كل مكان
أوضحت منظمة "هالو تراست" أن الذخائر غير المنفجرة منتشرة بشكل كبير في الحقول والقرى والمدن السورية، مما يعرض المدنيين العائدين إلى ديارهم لخطر الموت أو الإصابة بجروح خطيرة. وأكد داميان أوبراين، مسؤول ملف سوريا في الم
حوادث مأساوية متكررة
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق سلسلة من الحوادث المأساوية في الأيام الأخيرة، إذ لقي ثلاثة أفراد من عائلة واحدة مصرعهم في مدينة تدمر بعد أن انفجر بهم لغم أثناء عودتهم لتفقد منزلهم. ولم تكن هذه الحادثة استثنائية، فقد أفاد المرصد بمقتل خمسة مدنيين آخرين، بينهم طفل، في ظروف مماثلة بمحافظتي حماة ودير الزور، ما يعكس حجم الخطر المستمر في تلك المناطق.
وفي حادث آخر، انفجر لغم أرضي في ريف حماة، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين، بينهم أربع نساء، عندما كانت سيارتهم تمر عبر منطقة ملوثة بالذخائر. كما قُتل شخص آخر في محافظة حمص نتيجة إصابته بشظايا لغم أثناء مروره في إحدى المناطق الزراعية.
ولم تقتصر الخسائر على المدنيين فحسب، بل شملت أيضًا فرق إزالة الألغام، إذ قُتل عنصران من "هيئة تحرير الشام" أثناء محاولتهما تفكيك ألغام في بلدة الطلحية شرقي إدلب، مما يبرز خطورة المهمة حتى على المتخصصين في هذا المجال.
جهود الإزالة المستمرة
في ظل هذا الواقع الكارثي، تواصل منظمات إنسانية عدة العمل على إزالة الألغام، وعلى رأسها منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء). وأعلنت المنظمة أنها أزالت وأتلفت 491 ذخيرة غير منفجرة بين 26 نوفمبر و12 ديسمبر الجاري، في محاولة لتأمين المناطق السكنية وتسهيل عودة النازحين بأمان إلى منازلهم.
سوريا في صدارة الدول الملوثة بالألغام
تشير الإحصائيات الدولية إلى أن سوريا تحتل المرتبة الثانية عالميًا بعد بورما من حيث عدد ضحايا الألغام في عام 2023. ووفقًا لمرصد الألغام الدولي، تسببت الألغام في مقتل 933 شخصًا في سوريا هذا العام، مما يعكس مدى خطورة الوضع في البلاد رغم تراجع العمليات العسكرية في بعض المناطق.
الحاجة إلى استجابة دولية عاجلة
يرى خبراء أن إنهاء أزمة الألغام في سوريا يتطلب استجابة دولية منسقة تشمل التمويل والدعم التقني وتدريب فرق إزالة الألغام، إلى جانب تعزيز الوعي بين السكان المحليين لتقليل الخسائر البشرية. وتشدد منظمة "هالو تراست" على أن "الوقت حان لتدخل دولي فعال يضمن إزالة هذه الذخائر المميتة ويتيح إعادة إعمار المناطق المتضررة وتوفير ظروف آمنة للعائدين".
عقبة أمام السلام والاستقرار
تمثل أزمة الألغام في سوريا تحديًا كبيرًا أمام تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، حيث تعيق جهود إعادة الإعمار وتهدد حياة آلاف المدنيين العائدين إلى ديارهم. ومع استمرار انتشار هذه الألغام، تبقى سوريا في مواجهة خطر دائم يتطلب حلولًا جذرية وتعاونًا دوليًا عاجلًا لضمان عودة الحياة الطبيعية وتخفيف معاناة السكان المنكوبين.