حرب الظلال.. تصعيد الحوثيين وإسرائيل نحو مواجهة حاسمة في صراع المصالح الإقليمية
في ظل أجواء مشحونة ومعقدة، تتصاعد وتيرة التهديدات والتحذيرات بين ميليشيا الحوثي في اليمن وإسرائيل، ما يثير الترقب الحذر بشأن احتمال اندلاع مواجهة شاملة قد تحسم الأوضاع في المنطقة. هذه التطورات تأتي في وقت حساس يشهد فيه العالم تغييرات استراتيجية، من حروب مصيرية وتحالفات معقدة، مما يطرح تساؤلات عن مسار التصعيد والاتجاهات المستقبلية.
حالة الجمود والتأجيل المؤقت
يرجح عدد من السياسيين والعسكريين اليمنيين أن الوضع الراهن قد يستمر كما هو دون تغير جذري في الأفق القريب. ويرى البعض أن الحسم لن يتحقق سواء من خلال تفاهمات سياسية أو حسم عسكري، على الأقل في الفترة الحالية. هذا في ظل وجود مصالح مشتركة بين الأطراف المتصارعة، في الوقت الذي لا يفصل سوى أيام قليلة عن تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في 20 يناير المقبل.
مواجهة متبادلة: الحوثيون وإسرائيل
الدكتور علي الذهب، الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، أكد أن ما يحدث من هجمات متبادلة بين إسرائيل والحوثيين ليس صراعًا عسكريًا حاسمًا، بل هو "صراع ناعم" قائم على الفعل ورد الفعل بين الطرفين. وأوضح الذهب أن الهدف ليس القضاء على الحوثيين من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، بل تقويض قدراتهم العسكرية، خصوصًا في ما يتعلق بالتهديدات على خطوط الملاحة الدولية. وأضاف أن التهديد الإسرائيلي في الوضع الراهن ليس مرتبطًا بالشحن البحري بل بأراضيها التي تعرضت لعدة هجمات من قبل الحوثيين.
الصراع الإقليمي والدولي
الذهب أشار إلى أن الحرب لم تعد محصورة بين الحوثيين وإسرائيل فقط، بل أصبحت صراعًا بين محاور إقليمية ودولية. المحور الأول هو محور الممانعة والمقاومة الذي يضم إيران، والكيانات التابعة لها في المنطقة مثل الحوثيين، أما المحور الآخر فهو الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، إضافة إلى دول أخرى مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية.
الحوثيون كأداة لإيران
من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد عايض إن الحوثيين يشكلون أداة لإيران في المنطقة، حيث تدفع طهران بالأسلحة النوعية والخبراء العسكريين إلى ميليشيا الحوثي لمواصلة التصعيد ضد إسرائيل. ورأى عايض أن الحوثيين يستفيدون من هذا التصعيد لتمسكهم بالسلطة في اليمن، واستخدام قضية فلسطين كورقة للابتزاز الداخلي.
الهجمات الإسرائيلية والأمريكية: تأثير محدود
وأضاف عايض أن الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على الحوثيين لا تؤدي إلى أي نتائج حاسمة. فالكثير من الأهداف التي استهدفتها إسرائيل كانت إما مخازن فارغة أو أهدافًا عسكرية تم تدميرها من قبل التحالف العربي أو الولايات المتحدة في وقت سابق. وأشار إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تتجنبان استهداف قادة الحوثيين بشكل مباشر، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول استراتيجية التعامل مع الميليشيا.
استفادة الحوثيين وإسرائيل من التصعيد
الباحث السياسي الدكتور ثابت الأحمدي أضاف أن الجماعات الإرهابية غالبًا ما تتعاون في ما بينها، سواء عن قصد أو دون قصد. وذكر أن الحوثيين يستفيدون من التصعيد ضد إسرائيل لتحفيز الدعم الداخلي وادعاء أنهم يدافعون عن القضية الفلسطينية، بينما تستفيد إسرائيل من ترويج صورة "المظلومية" في الغرب، رغم أن الصواريخ الحوثية لا تشكل تهديدًا حقيقيًا لأراضيها.
النتيجة الحتمية: زوال الحوثيين
وفي الختام، أكد الأحمدي أن الحوثيين يفتقدون للشرعية والمشروعية، وأن مسألة زوالهم من الساحة اليمنية هي مسألة وقت فقط. مشيرًا إلى أن الحسم العسكري والسياسي ضد الحوثيين لن يتأخر، مهما طالت الفترة الزمنية.