انتهاء العمليات العسكرية في الساحل السوري.. وإجراءات حاسمة لتعزيز السلم الأهلي

أعلنت وزارة الدفاع السورية انتهاء العمليات العسكرية في الساحل السوري، في أعقاب اشتباكات عنيفة مع مجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام السابق. هذا الإعلان يعكس تحولًا مهمًا في المشهد الأمني والسياسي، حيث تحاول الحكومة السورية فرض السيطرة الكاملة على المنطقة، وسط توترات لا تزال قائمة. المتحدث باسم وزارة الدفاع، حسن عبد الغني، أكد أن المرحلة القادمة ستشهد تعزيزًا أمنيًا يهدف إلى منع أي تهديد مستقبلي، مشيرًا إلى أن المجموعات الموالية للنظام السابق لا تزال تشكل خطرًا محتملاً على الاستقرار.
مساعي لاحتواء التوتر
في إطار محاولات الحكومة السورية لاحتواء التوتر، أعلن الرئيس أحمد الشرع عن تشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، مكلفة بالتواصل المباشر مع سكان الساحل السوري والاستماع إلى مخاوفهم. هذه الخطوة تعكس رغبة في امتصاص الغضب الشعبي، لكنها في الوقت نفسه تحمل دلالات سياسية تتعلق بمحاولة بناء شرعية جديدة قائمة على استقرار المناطق التي شهدت اضطرابات. اللجنة، التي تضم شخصيات بارزة مثل أنس عيروط وحسن صوفان وخالد الأحمد، تم تكليفها بمهمة مزدوجة تتمثل في تقصي الحقائق حول الأحداث الأخيرة، وتقديم الدعم اللازم للأهالي، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة.
تصعيد سياسي ورسائل حازمة من القيادة السورية
في خطاب متلفز، وجه الرئيس أحمد الشرع رسالة واضحة مفادها أن المحاسبة ستكون صارمة ضد كل من تورط في أعمال العنف أو استغل السلطة لمصالح شخصية. توعده بمحاسبة من وصفهم بـ"فلول النظام الساقط" يعكس موقفًا متشددًا ضد أي محاولات لإعادة إنتاج نفوذ النظام السابق. هذه التصريحات، رغم قوتها، تثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها، خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في بعض المناطق.
تحذيرات من التدخلات الخارجية واحتمالات التقسيم
الشرع لم يكتفِ بتوجيه الاتهامات إلى القوى الداخلية، بل حذر من مخططات خارجية تهدف إلى تقسيم سوريا وإثارة الفتنة الطائفية. هذا التحذير يأتي في وقت حساس، حيث تشهد الساحة الإقليمية تحولات قد تؤثر بشكل مباشر على الوضع السوري. فبينما تسعى الحكومة إلى تعزيز سيادتها على كامل الأراضي السورية، تبقى التحديات الخارجية، سواء كانت سياسية أو عسكرية، عنصرًا مؤثرًا في تحديد مسار التطورات القادمة.
إجراءات أمنية ومخاوف من تفاقم الأوضاع
ضمن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة أي تصعيد جديد، تم نشر قوات إضافية في الساحل السوري، وهو ما يعكس إدراكًا لحجم التحدي الأمني في تلك المناطق. ومع ذلك، فإن تعرض هذه القوات لهجمات وسقوط قتلى في صفوفها يشير إلى أن المواجهة لم تنتهِ تمامًا، بل ربما تكون مقدمة لجولات جديدة من الصراع. التصعيد المحتمل يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة قادرة على فرض الاستقرار دون الدخول في معارك جديدة قد تستنزف مواردها.
الموقف الدولي ودعوات لدعم الاستقرار
في ظل هذه التطورات، وجّه الرئيس السوري دعوة للمجتمع الدولي لدعم استقرار سوريا، مؤكدًا على رفض أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية. هذه الرسالة تحمل في طياتها تحذيرًا من محاولات فرض أجندات خارجية على البلاد، لكنها في الوقت ذاته تعكس حاجة دمشق إلى اعتراف دولي بمشروعها لإعادة بناء الدولة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستحظى الحكومة السورية بالدعم الذي تسعى إليه، أم أن المشهد الإقليمي سيظل عاملًا معقدًا في تحديد مستقبل البلاد؟
مصير سوريا
التطورات الأخيرة في الساحل السوري تمثل نقطة تحول قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في البلاد. وبينما تسعى الحكومة إلى فرض الاستقرار، تبقى العوامل الداخلية والخارجية عنصرًا حاسمًا في تحديد المسار القادم. فهل تنجح دمشق في إنهاء التوترات وبناء مرحلة جديدة من الاستقرار، أم أن هذه الخطوات ليست سوى مقدمة لموجة جديدة من الصراعات؟.