اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

الناتو بين ضغط الإنفاق وتصاعد التهديد الروسي.. الولايات المتحدة تعيد ضبط الأولويات العسكرية

الناتو
الناتو

في سياق تصاعد التوترات الدولية وتزايد المخاطر الأمنية، أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، يوم السبت، التزام الولايات المتحدة العميق بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكنه وجّه رسالة واضحة للأعضاء الأوروبيين: يجب زيادة الإنفاق الدفاعي.

وجاء في بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن هيجسيث شدد خلال اجتماعه مع الأمين العام الجديد للناتو، مارك روته، على ضرورة أن يعود الحلف إلى جذوره العسكرية التقليدية، مركّزاً على "خوض الحروب، استخدام القوة المميتة، وتفعيل سياسة الردع" كأولويات استراتيجية.

وفي خطوة لافتة، طالب هيجسيث كندا والدول الأوروبية الحليفة برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو سقف أعلى بكثير مما التزم به معظم الأعضاء سابقاً، والبالغ 2%. هذه الدعوة تعكس تحوّلاً في السياسة الأميركية نحو تحميل الحلفاء مسؤولية أكبر في حماية القارة الأوروبية، في ظل الانشغال الأميركي بملفات دولية متشعبة، من آسيا إلى الشرق الأوسط.

ملفات حيوية

الأزمة تكتسب زخماً إضافياً مع الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام للناتو مارك روته إلى واشنطن، حيث التقى بالرئيس الأميركي دونالد ترمب وعدداً من كبار المسؤولين. وأوضح بيان صادر عن الناتو أن اللقاءات تناولت ملفات حيوية، أبرزها تحفيز الإنفاق الدفاعي الجماعي، التحضيرات لقمة الحلف المقبلة، ومستقبل الحرب في أوكرانيا، مع التركيز على ضرورة التوصل إلى "نهاية عادلة ودائمة" لهذا النزاع.

من جانبه، أعاد روته تأكيد التوافق العابر للأطلسي بشأن طبيعة التهديد الروسي، إذ صرّح عقب اجتماعه بترمب أن الحلفاء متفقون على اعتبار روسيا "تهديداً طويل الأمد" لأمن الحلف والمنطقة الأوروبية الأطلسية بأكملها.

ورغم التصعيد الخطابي من قبل الناتو، أبدت موسكو مؤشرات حذرة نحو التهدئة، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف استعداد بلاده للنظر في اتفاق سلام مع أوكرانيا، وإن كان الشكوك ما زالت تحيط بنوايا روسيا الحقيقية.

في هذا السياق، اعتبر روته أن الكرة باتت في ملعب موسكو، مشيراً إلى أن كييف تتعامل بمسؤولية مع فرص الحل السلمي، مما يضع مزيداً من الضغط السياسي على الكرملين.

أزمة مركبة


تُظهر هذه التطورات ملامح أزمة مركبة داخل الحلف: فمن جهة، هناك ضغوط متزايدة على الأوروبيين لتحمل أعباء مالية وعسكرية أكبر في وقت يواجهون فيه تهديداً روسياً متجدداً، ومن جهة أخرى، يظهر أن الولايات المتحدة تعيد رسم دورها القيادي في الناتو ليصبح أكثر ارتباطاً بتقاسم الأعباء وليس بتحملها منفردة.
في المقابل، لا تزال الحرب في أوكرانيا تمثل بؤرة توتر مركزية، تفرض على الحلف استنزاف موارده واستراتيجياته، وسط غموض بشأن فرص التسوية الدبلوماسية أو خطر التصعيد.

موضوعات متعلقة