اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

لجنة تحقيق لمحاسبة المتورطين في أحداث الساحل السوري.. هل تنجح في مهمتها؟

أحداث الساحل السوري
أحداث الساحل السوري

في خطوة تهدف إلى تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة، أعلنت لجنة تقصي الحقائق السورية، التي تم تشكيلها للتحقيق في المواجهات الأخيرة بالساحل السوري، التزامها بالكشف عن ملابسات الانتهاكات التي حدثت خلال الاشتباكات، مؤكدة أن "لا أحد فوق القانون". يأتي هذا في سياق تطورات سياسية وأمنية حساسة تشهدها البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.
أهداف لجنة التحقيق
أوضح ياسر الفرحان، المتحدث باسم اللجنة، خلال مؤتمر صحفي، أن الرئيس السوري أحمد الشرع أصدر قراراً بتشكيل لجنة وطنية مستقلة تضم خمسة قضاة، وعميد أمن جنائي، ومحامياً متخصصاً في حقوق الإنسان، بهدف التحقيق في الأحداث الأخيرة وضمان تحقيق العدالة للضحايا.
وأشار الفرحان إلى أن اللجنة ستتولى تحديد المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والتحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة والأجهزة الأمنية والعسكرية، مع إحالة المتورطين إلى القضاء. كما شدد على أهمية دور اللجنة في جمع الأدلة وإجراء مقابلات مع الشهود ووضع آليات للتحقيق الميداني.
وأكد الفرحان أن اللجنة ستعمل بحيادية واستقلالية، وسترفع نتائج تحقيقاتها إلى كل من رئاسة الجمهورية والسلطة القضائية، باعتبارهما الجهتين المخولتين بإصدار الأحكام القانونية بحق المتهمين.

المحاسبة دون استثناءات
من جانبه، شدد الرئيس السوري أحمد الشرع على أن الأحداث التي شهدتها محافظات الساحل تمثل تهديداً خطيراً للجهود المبذولة لإعادة توحيد البلاد بعد سنوات الحرب. وتعهد خلال مقابلة مع وكالة رويترز بـ"عدم التهاون في معاقبة المسؤولين عن تلك الأحداث، بغض النظر عن انتماءاتهم أو قربهم من السلطة".
وقال الشرع:
"نحن أكدنا أن سوريا دولة قانون. القانون سيأخذ مجراه على الجميع... لا نقبل أن تُسفك قطرة دم بغير وجه حق أو أن تمر هذه الأحداث دون محاسبة أو عقاب".
وأضاف أن المواجهات الأخيرة كانت نتيجة لصدام بين القوات السورية ومجموعات مسلحة موالية للنظام السابق، في إشارة إلى عناصر مرتبطة بالرئيس السابق بشار الأسد. وأكد أن أي انتهاك لحقوق المواطنين أو الاعتداء على أرواحهم وأموالهم يعد خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
انتهاء العمليات العسكرية في الساحل
أعلنت وزارة الدفاع السورية، الاثنين، انتهاء العمليات العسكرية في محافظات الساحل بعد المواجهات التي اندلعت مع مجموعات مسلحة موالية للنظام السابق. ووفقاً لما نقلته وكالة سانا الرسمية، صرح حسن عبد الغني، المتحدث باسم الوزارة، بأن الأجهزة الأمنية ستعزز عملها لضمان الاستقرار ومنع أي تهديدات مستقبلية.
وأشار عبد الغني إلى أن القوات السورية نجحت في تحييد مجموعات مسلحة كانت تتواجد في عدة مناطق منها المختارية، المزيرعة، والزوبار في اللاذقية، إضافة إلى بلدات الدالية، تعنيتا، والقدموس في طرطوس.
كما أكد أن السلطات ستوفر للجنة التحقيق الوطنية كامل الدعم والحرية في كشف الحقائق وإنصاف الضحايا، لافتاً إلى أن المؤسسات العامة بدأت في استئناف عملها واستعادة الخدمات الأساسية، مما يمهد لعودة الحياة إلى طبيعتها في المناطق التي تأثرت بالمواجهات الأخيرة.

سيادة القانون
تشير هذه التطورات إلى تحول مهم في السياسة الداخلية السورية، حيث يبدو أن الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع تسعى إلى إرساء معايير جديدة للحكم، تعتمد على فرض سيادة القانون والمساءلة دون استثناءات. ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي سيكون في مدى استقلالية لجنة التحقيق، وقدرتها على تقديم نتائج شفافة دون تدخل سياسي أو عسكري.
من ناحية أخرى، فإن الانتهاء السريع للعمليات العسكرية يعكس رغبة القيادة السورية في احتواء أي تصعيد داخلي، وتجنب استنزاف جديد للقوات الحكومية، خاصة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.
يبقى السؤال المطروح: هل تتمكن الحكومة السورية من محاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات بشكل عادل، أم أن بعض القوى السياسية والعسكرية ستظل خارج نطاق المحاسبة؟ الأيام القادمة ستكشف مدى جدية الالتزام بهذه الوعود.