اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

النفوذ السياسي في قبضة مكافحة الفساد.. تحقيقات موسعة مع نجل نائب رئيس وزراء الصين السابق

الصين
الصين

في خطوة تعكس تصعيداً لافتاً في الحملة الصينية المستمرة ضد الفساد في القطاع المالي، كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز أن السلطات الصينية تحقق مع ليو تيانران، نجل ليو هي، نائب رئيس الوزراء السابق والمقرّب من الرئيس شي جين بينغ. ويأتي التحقيق وسط موجة تدقيق مشددة تشنّها القيادة الصينية على شبكات المصالح بين السياسة والمال، في وقت تشهد فيه البلاد تباطؤاً اقتصادياً وتحديات استراتيجية داخلية وخارجية.

ليو تيانران، الذي بدأ مسيرته كصحفي ثم عمل في القطاع المالي قبل تأسيس شركته الاستثمارية "سكايكوس كابيتال" عام 2016، يُعتبر واحداً من أبرز "الأمراء" أو "ولاة العهد الحزبي" – وهو لقب غير رسمي يُطلق على أبناء النخب السياسية في الصين، ممن يُشتبه في استفادتهم من مواقع آبائهم للوصول إلى النفوذ والثروة.
المعلومات المتوافرة تشير إلى أن تيانران يخضع لتحقيق مرتبط بشبهات فساد مالي، بعضها على صلة بالطرح العام الأولي العملاق لمجموعة "Ant Group"، والذي أوقفته السلطات الصينية عام 2020 قبيل موعد إدراجه في الأسواق العالمية. وقد تطورت التحقيقات لاحقاً لتشمل أنشطة أوسع متعلقة باستثمارات غير مشروعة وتحويلات مالية مريبة.

الحملة على "الظل المالي" لأبناء القادة
ما يجعل هذا التحقيق لافتاً هو أنه يمسّ أحد أكثر المقربين من الرئيس شي، وهو ليو هي، مهندس السياسة الاقتصادية الصينية خلال فترة التوتر التجاري مع واشنطن. هذا التقاطع بين النفوذ المالي لعائلة ليو وهيمنة شي على مؤسسات الدولة يشير إلى تحوّل نوعي في حملة مكافحة الفساد.
فبدلاً من الاقتصار على مسؤولين ثانويين أو رجال أعمال مستقلين، تطال التحقيقات الآن الحلقة الأقرب من دوائر السلطة السابقة، بما يعكس استعداد شي لتفكيك شبكات الولاء القديمة، حتى وإن تطلب الأمر المساس بحلفائه السابقين.

محاولة لإعادة هندسة المشهد المالي؟
يأتي التحقيق مع ليو تيانران في إطار موجة شاملة تستهدف القطاع المالي الصيني. فخلال العامين الماضيين، فرضت السلطات خفضاً لأجور المصرفيين، وفرضت رقابة مشددة على صناديق الاستثمار الكبرى، واحتجزت كبار المستثمرين من بينهم تشين داتونج، أحد رموز قطاع أشباه الموصلات.
هذه الإجراءات، بحسب خبراء مثل كريستوفر جونسون، المحلل السابق في CIA، تعكس تحولاً نوعياً في أدوات الرقابة السياسية؛ حيث تسمح القيادة الصينية بما يُعرف بـ"منطقة الحياد" بين الحرية والاعتقال، وتشترط إعادة المكاسب غير المشروعة مقابل الإفلات من العقوبة، في محاولة لإعادة ضبط البوصلة الأخلاقية للنخبة الاقتصادية دون تفجير النظام السياسي برمّته.

هل يتأثر ليو هي نفسه؟
المؤشرات تطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل ليو هي، والد تيانران، خاصة في ظل تناقص ظهوره العلني وتراجع لقاءاته مع المسؤولين الأجانب منذ تقاعده عام 2023. المحلل دينيس وايلدر يرى أن هذه التطورات تعكس تآكلاً في نفوذ ليو هي، وربما تلميحاً إلى وقوع خلاف سياسي بينه وبين شي جين بينغ، رغم صداقتهما التاريخية منذ الطفولة.
هذا التوتر، إن ثبت وجوده، يكشف عن نهج مركزي جديد في القيادة الصينية، يقوم على تصفية التحالفات القديمة التي قد تُشكّل تهديداً محتملاً على مشروع شي في إعادة هيكلة الولاء السياسي، وتحويل الدولة إلى نموذج أكثر انضباطاً وتحكماً.

"سكايكوس كابيتال" في قلب العاصفة
رغم أن ليو تيانران استقال رسمياً من رئاسة "سكايكوس" في 2017، فإن التحقيقات تشير إلى استمراره في التأثير على قرارات الشركة والمشاركة في صفقاتها. وبحسب سجلات اطلعت عليها فاينانشيال تايمز، فقد تلقت الشركة تمويلاً من مؤسسات حكومية ضخمة مثل بنك التنمية الصيني وتشاينا موبايل، إضافة إلى استثمارات من عمالقة التكنولوجيا كـ Tencent وJD.com.
هذا النمط من التمويل يعزز الشكوك حول استغلال تيانران لموقع والده السابق للحصول على مزايا غير متاحة لمنافسيه، وهي إحدى التهم التي تسعى السلطات إلى إثباتها ضمن جهود تفكيك "رأسمالية المحسوبية" التي ترسّخت في العقدين الأخيرين.

موضوعات متعلقة