أزمة الإرهابية في الأردن.. بين تهديدات الأمن القومي وضرورة الفصل بين الدعوي والسياسي

تشهد الساحة الأردنية واحدة من أخطر الأزمات السياسية والأمنية، بعد الإعلان الرسمي عن إحباط مخطط واسع النطاق استهدف زعزعة أمن البلاد واستقرارها، في تطور أعاد تسليط الضوء على العلاقة المتوترة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، وذراعها السياسي "حزب جبهة العمل الإسلامي".
1. الخلفية الأمنية.. بداية الانفجار
أعلنت دائرة المخابرات العامة عن ضبط "شبكة تسلح" تضم 16 شخصاً متهمين بتصنيع صواريخ، وتخزين أسلحة، وتطوير طائرات مسيرة، فضلاً عن تجنيد عناصر داخل وخارج المملكة. هذه المعلومات، التي جاءت في بيان رسمي، لم تُترك لتأويلات الرأي العام، بل تم تعزيزها بتحقيقات رسمية أفضت إلى إحالة المتهمين لمحكمة أمن الدولة بتهم ترتبط بقانون منع الإرهاب، مما يشير إلى مدى خطورة المخطط.
2. البعد السياسي.. استحقاقات العلاقة مع الإخوان
تداعيات القضية لم تبقَ في إطارها الأمني فقط، بل سرعان ما ألقت بظلالها على ملف العلاقة المعقدة بين السلطات الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين، التي تُعد غير مرخصة رسمياً. ورغم اعتماد السلطات في السنوات الماضية سياسة "الاحتواء الناعم" عبر الاعتراف بالحزب السياسي التابع للجماعة (جبهة العمل الإسلامي) كممثل شرعي، إلا أن هذه الاستراتيجية بدت وكأنها وصلت إلى طريق مسدود.
مصادر رسمية تحدثت عن احتمالية اتخاذ خطوات حاسمة، من بينها حظر الجماعة غير المرخصة قانونياً، وحتى محاسبة الحزب السياسي في حال ثبت تورط أعضائه في المخطط أو فشل الحزب في النأي بنفسه عن نشاط الجماعة.
3. أزمة ازدواجية التنظيم.. بين الجماعة والحزب
اللافت في الأزمة الحالية هو إصرار السلطات على فك الارتباط التنظيمي بين جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة وحزب جبهة العمل الإسلامي المرخص. حيث اعتبرت الحكومة أن استمرار هذا الترابط يتيح للجماعة ممارسة أنشطة خارج الأطر القانونية مستترة وراء عباءة العمل الحزبي.
ويبدو أن صبر الدولة قد نفد، إذ رأت أن "المرونة الرسمية" السابقة لم تُقابل من الجماعة بالمسؤولية، بل تم استغلالها لمراكمة نفوذ وتنظيم نشاطات تُوصف بأنها "استقواء على الدولة"، خصوصاً بعد تصاعد نشاط الجماعة عقب العدوان الإسرائيلي على غزة.
4. الاتهامات بالارتباط الخارجي.. البعد الإقليمي
من أكثر عناصر القضية حساسية هو اتهام قيادات إخوانية بالتواصل مع أطراف خارجية، أبرزها حركة حماس وحزب الله، بهدف زج الأردن في جبهة ضغط إقليمي ضد إسرائيل. وتحدثت المصادر عن تلقي توجيهات من الخارج، بل وإجراء لقاءات سرية في دول مثل لبنان وتركيا دون تنسيق مع حكومات هذه الدول، ما يشكل خرقاً للسيادة ويعزز الشكوك حول "ولاءات مزدوجة".
5. ردود الفعل الحزبية والإخوانية.. نفي وتحفظ
في حين حاولت جماعة الإخوان النأي بنفسها عن الاتهامات، ووصفتها بأنها "أعمال فردية"، أثار بيانها استياءً رسمياً بسبب غياب الإدانة الصريحة أو رفض المخطط التخريبي. أما الحزب، فاكتفى ببيان عام يدين أي استهداف لأمن الوطن، لكنه لم يشر بشكل مباشر إلى المخطط، في خطوة اعتبرتها الجهات الرسمية "مراوغة سياسية".
6. موقف الدولة والمجتمع الدولي.. تضامن واسع وتحقيقات موسعة
التحرك الأردني حظي بدعم عربي واسع، خاصة من السعودية ومصر ولبنان والجامعة العربية، في تأكيد واضح على وقوف الدول الشقيقة بجانب الأردن في مواجهة أي تهديدات أمنية داخلية أو إقليمية.
في الوقت ذاته، شرعت السلطات القضائية باتخاذ خطوات قانونية حاسمة، فأحال النائب العام لمحكمة أمن الدولة المتهمين للقضاء، ووجه لهم تهماً تتعلق بالإرهاب، وتصنيع أسلحة، والإخلال بالنظام العام.