الشيخ الخامس عشر للأزهر الشريف.. الإمام أحمد الدمهوجي
على إثر وفاة الشيخ محمد العروسي الشيخ الرابع عشر للأزهر الشريف، بقي المنصب شاغرا لمدة ستة أشهر حتى جاء أمر الوالي محمد علي باشا بتولي الإمام أحمد الدمهوجي المنصب ويصبح الشيخ الخامس عشر للأزهر الشريف في عام 1829.
وينحدر الشيخ "الدمهوجي" من قرية الدمهوج بمحافظة المنوفية، وإسمه بالكامل هو أحمد زيد على بن أحمد الدمهوجي، وهو الجد الأكبر للدكتورة عائشة عبدالرحمن "بنت الشاطئ".
حفظ الشيخ أحمد الدمهوجي القرآن الكريم ودخل الأزهر، ودرس على كبار علمائه، وكان على المذهب الشافعي، شغوفا بتحصيلِ العلم ولهذا انقطع للبحث والدرس، لذا لم ينل الشهرة التي نالها من سبقوه أو لحقوا به في منصب شيخ الأزهر، ولم تلق عليه الأضواء, ولم تجذب إليه الأبصار.
وخلال تلقيه دروس العلم داخل صحن الجامع الأزهر الشريف، مكث في رقعة القمح خلف رواق الصعايدة بجوار المسجد، وبقيت تلك المنطقة تُعرف باسم "عطفة الدمهوجي"، ويوصف بأنه "الأديب البليغ، هادئ الطبع، زاهدًا، منقطعًا للعبادة والتدريس وتحصيل العلم، وأثبت في تحصيل العلوم درجة عالية، وشغفًا عظيمًا، فقد كان ذكاؤه باهرا.
ونظرا لكبر سن الشيخ الدمهوجي عن تقلده منصب شيخ الأزهر، عين الشيخان المهدي والأمير وكيلين له، وكان منقطعاً بالكامل للدراسة والتدريس بالأزهر، فإذا فرغ من دروسه أقبل على الصلاة والعبادة بمسجد الأزهر، وهكذا عاش متفرغًا للتدريس والدراسة والعبادة لله.
ونقل الشيخ أحمد الدمهوجي إرثه إلى تلاميذه من بعده، الذين أصبح لهم شأن كبير أمثال الشيخ حسن القويسني، والشيخ رفاعة الطهطاوى، والشيخ أحمد بن عبد الجواد السفطي.
وتوفى الشيخ أحمد الدمهوجي في ليلة الأضحى سنة 1246هـ 21 مايو سنة 1830م وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر الشريف.
وجاء في كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر"، عن الشيخ أحمد الدمهوجي أنه يعتبر "الفاضل الجهبذ الهمام، والعاقل العالم الإمام، من استوى على عرش العلوم، وثوى على مهاد المنطوق منها والمفهوم، فهو الفرد الكامل المستجمع لفرائد الفضائل، قد حضر دروس علماء عصره، وفاق حتى انفرد في مصره، وشهد له العموم بأنه بكمال الفضل موسوم، وأذن له شيوخه ذوو المقام المنيف بالتدريس والإفتاء والتأليف، وانتشر في الأقطار ذكره وسما في الأمصار قدره، ولم تزل سيرته حسنى إلى أن دعي إلى المحل الأسنى".