المصرية للأمم المتحدة تناقش تطورات الأوضاع في السودان
أحمد بدر نصار
قال السفير عزت البحيري، رئيس الجمعية المصرية للأمم المتحدة، "إنه قبل التعرض لأزمة السودان الراهنة، علينا أن نسلط الضوء أولا، على أهمية موقع السودان، صاحب الموقع الاستراتيجي في قلب القارة الأفريقية, فالسودان دولة عربية تقع شمال شرق أفريقيا تحده مصر من الشمال وليبيا من الشمال الغربي وتشاد من الغرب وجمهورية أفريقيا الوسطى من الجنوب الغربي وجنوب السودان من الجنوب وإثيوبيا من الجنوب الشرقي وأرتريا من الشرق والبحر الأحمر من الشمال الشرقي، ويبلغ عدد سكانه حوالي خمسين مليون نسمة وتبلغ مساحته 1,861,484 كيلومتر مربع، مما يجعله ثالث أكبر دولة من حيث المساحة في إفريقيا وفي العالم العربي قبل انفصال جنوب السودان عام 2011" .
وأضاف "يأتي السودان في المرتبة 16 على مستوى العالم وتقع العاصمة الخرطوم عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ويتوسط السودان منطقة حوض وادي النيل".
وأكد السفير "البحيري" في كلمته خلال ندوة تحت عنوان "الأمم المتحدة والوضع في السودان" بمقر الجمعية المصرية للأمم المتحدة، أن "السودان غني بموارده وثرواته الطبيعية مما جعله أحد محاور التنافس الاستعماري القديم في إفريقيا وظل يمثل أحد أطماع الاستعمار الحديث خاصة بعد أن شحت موارد الأرض الطبيعية وأصبحت مشكلة الغذاء في المستقبل هاجسا يؤرق العالم المعاصر".
تطورات الموقف في السودان
وأوضح السفير "البحيري" في كلمته أن التوتر في السودان قد بدأ على مدى عدة أشهر قبل اندلاع القتال بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان المعروف باسم حميدتي في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل 2023، حيث جمعت الطرفين شراكة هشة عمل أثناءها معا للإطاحة بحكم عمر البشير عام 2019 ولعبا دورا محوريا في الانقلاب العسكري عام 2021، لكن سرعان ما نشأت التوترات بين الطرفين أثناء المفاوضات الخاصة بدمج قوات الدعم السريع.ثم انهار التعاون الهش وظهر التناحر بين الطرفين علنا بسبب خطة مدعومة دوليا كان من شأنها أن تطلق عملية انتقالية جديدة مع القوي المدنية وكان من المقرر الانتهاء منها قبل اندلاع الحرب مباشرة وبموجب هذه الخطة كان من المفروض أن يتنازل كل من الجيش وقوات الدعم السريع عن السلطة إلا أنه ظهرت مسألتان شائكتان الأولي هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية والثانية هي تسلسل القيادة بين الجيش وقادة قوات الدعم السريع ومسألة الرقابة المدنية وأيضا منافسة بين الطرفين المتحاربين على المصالح التجارية المترامية الأطراف والتي تتجاوز حدود السودان .
وتابع: أنه لم يكن مكان الرجلين معروفا في كثير من الأحيان خلال المراحل المبكرة من الصراع عندما اجتاح القتال العاصمة الخرطوم وفي وقت لاحق بدأ البرهان يظهر علنا في وقت اْسس فيه الجيش والوزارات الحكومية المتحالفة معه وجودا في مدينة بورسودان المطلة على البحر الأحمر ثم سافر كل من البرهان وحميدتي خارج السودان لحشد الدعم.
وأكمل: وتجدر الإشارة إلى أن حميدتي حقق ثروة طائلة من الذهب ومشاريع أخرى (عقارية وشركات أمن وتعدين)، ويلعب أفراد من عائلته وعشيرته أدوارا قيادية في قوات الدعم السريع .وقاعدة الدعم لقواته هي منطقة دارفور غرب السودان حيث خرجت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق تمرد في حرب وحشية تصاعدت منذ عام 2003 كما سعى حميدتي إلى استمالة بعض السياسيين المدنيين الذين شاركوا في خطط التحول الديمقراطي قبل الحرب.
ولفت إلى أن قوات الدعم السريع تقول إنها تقاتل لتخليص السودان من فلول نظام البشير بينما يقول البرهان أنه يحاول حماية الدولة من متمردين مجرمين.
انتهاكات صارخة
وأشار السفير "البحيري" إلى أن هناك وعلى نطاق واسع بما في ذلك عمليات قتل بدوافع عرقية وعنف جنسي ونهب كما اتهم بعض المواطنين الجيش بقتل مدنيين في قصف عشوائي وضربات جوية بينما ينفي الجانبين عادة الاتهامات الموجهة إليها، وعلى الرغم من تفوق الجيش السوداني في العتاد والعدة بما في ذلك القوات الجوية وما يقدر بنحو ثلثمائة ألف جندي إلا أن قوات الدعم السريع تطورت كثيرا خلال الأعوام القليلة الماضية لتصبح قوة مجهزة تجهيزا جيدا وتضم مائة ألف فرد منتشرين في أنحاء السودان، مشيرا إلى أنه خلال الأيام الأولي للحرب رسخت وحدات من قوات الدعم السريع وجودها داخل أحياء في أنحاء العاصمة ومع نهاية عام 2023 حققت هذه القوات سلسلة من المكاسب السريعة لأحكام قبضتها على دارفور والسيطرة على ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم لكن الجيش تمكن من استعادة بعض السيطرة وحقق تقدما في أم درمان إحدى المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى.
وأشار السفير إلى ما ذكرته مديرة قسم العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (اديم وسورنو) التي زارت السودان في أغسطس 2023، بأن الوضع مقلق وبشكل خاص في الخرطوم وكذلك مناطق دارفور وكردفان وأضافت أن 80% من المستشفيات في أنحاء البلاد لا تعمل، واْن 14 مليون طفل في السودان أي نصف أطفال السودان بحاجة إلى دعم إنساني، وأكدت أن الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان، تزداد سوءا يوما بعد يوم فبينما تواجه القوات المسلحة قوات الدعم السريع في مدن العاصمة وولايات دارفور وكردفان يواجه السودانيون يوميا معاركهم من اْجل لقمة العيش في ظل ظروف بالغة التعقيد وخرجت 80% من المصالح الحكومية في الخرطوم تماما عن الخدمة، بينما تعرض مخزون استراتيجي سلعي كبير للنهب والدمار وفقد ألاف الموظفين والعمال مصدر رزقهم في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بجانب انهيار كبير للقطاع الصحي وندرة الأدوية وتدهور الوضع الأمني خاصة في ولايات دارفور وكردفان مع نشوب مواجهات اثنية وقبلية دامية حيث تعد هذه المناطق الأكثر هشاشة في السودان اجتماعيا وأمنيا.
وأضاف السفير "البحيري" أنه رغم توالي المبادرات الإقليمية والدولية الرامية لوقف الحرب أو إيصال المساعدات الإنسانية على الأقل فان الصراع في السودان يتوسع يوما بعد يوم وكانت المواجهات الدامية تتركز في البداية في مدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم - بحري- اْم درمان)، مما أدي إلى أحداث دمار كبير في البنية التحتية، منوها إلى أنه بعد عدة أسابيع من اندلاع المعارك تجددت صراعات أكثر دموية في مدن دارفور (خاصة الجنينة)، كانت أشبه بحرب أهلية أكثر من كونها مواجهات بين الجيش والدعم السري.
وأردف قائلا: إن من المفارقة أصبح مواطنو الدولة التي وصفت ذات يوم بأنها سلة غذاء العالم العربي أحوج ما يكون لمساعدات الغذاء والدواء فضلا عن حل جذري وشامل للأزمة السودانية وتطرق السفير البحيري إلى ما قاله المحلل السوداني الشهير"دهب" والذي يري أن الوضع المعيشي والصحي والأمني في السودان يزداد سوءا وخطورة ولم تعد هناك طبقة وسطى الآن فمعظم السودانيين يخوضون معركة البقاء من أجل الغذاء والدواء في ظل اقتتال الجيش والدعم السريع.
وأوضح السفير البحيري أن الحرب بين طرفي القتال في السودان، قد دخلت عامها الثاني دون توقف ولا تلوح في الأفق بادرة نصر عسكري حاسم لأي من الطرفين وهو ما قد ذهبت إليه بعض تحليلات الخبراء وتوقعات السياسيين بأن القتال المستمر أنهك القوتين المتحاربتين وخلق حالة من توازن الضعف علي الرغم من أن الوضعين العسكري والميداني لا يزالان يعكسان تفوقا للدعم السريع خلال الأشهر الأولى للحرب حيث لا تزال قوات الدعم السريع تحكم سيطرتها على مواقع عسكرية وسيادية في العاصمة الخرطوم.
وتابع: أن كلمة رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان في أغسطس 2023 جاء فيها أن السودان يواجه أكبر مؤامرة في تاريخه الحديث تستهدف كيان وهوية وتراث ومصير الشعب السوداني وان الشعب السوداني يواجه بصبر وإيمان أبشع فصول الإرهاب على أيدي حميدتي وأعوانه، حيث ترتكب جرائم لم تشهد لها البلاد مثيلا وأن القوات المسلحة ستقف مع الشعب وصولا إلى إجراء انتخابات حرة، لافتا إلى الصراع يتمدد أكثر ويهدد مناطق أخرى ظلت طيلة الفترة الماضية خارج نطاق الاشتباكات وأطلق العنان لموجات من أعمال العنف في دارفور ودفع ملايين إلى براثن الجوع كما تسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم.
التدخلات الخارجية في السودان
وأكد السفير البحيري أنه لم تعد المتغيرات الداخلية في كثير من الدول بعيدة بأي حال من الأحوال عن مصالح الدول الكبرى وأطماعها الاقتصادية والسياسية والأمنية بل أصبحت هي المحرك الفاعل لكل أشكال الاتجاهات والصراعات السياسية والأمنية للمكونات الهشة في دول العالم الثالث فأصبح لكل صراع داخلي في بلد ما صدى دولي يؤسس رؤية ويفرض حلاوان كان يتم عبر الدبلوماسية أو منظمات المجتمع المدني فانه يفرض شيئا من الوصاية من خلال حلول تتضمن الترغيب والترهيب عبر الواساطات المغلفة بالمصالح وظل السودان لفترة ليست بالقصيرة تحت الضغط الدولي سياسيا واقتصاديا وأمنيا منذ أيام الرئيس عمر البشير الذي أطيح به عام 2019 بثورة شعبية لعبت المحاور الإقليمية والمخابرات الدولية الدور الأكبر فيها.
ولفت إلى أن هناك أكثر من مبادرة تدفعها أكثر من رؤية ومصلحة للتدخل في الشأن السوداني فالولايات المتحدة تصارع روسيا في السودان وتقوم بدعم المكون المدني ليس من موقف أخلاقي ولا مبدئي. فكثيرا ما دعمت الولايات المتحدة انقلابات عسكرية كانت ترى فيها مصالحها ولكنها تري في عسكر السودان تقاربا مع روسيا وعندما يتولون الحكم فقد يسمحون لروسيا بإقامة قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر.
ونوه السفير البحيري إل ما نشرته جريدة نيويوك تايمز بأن من بين أهم اللاعبين الأجانب في السودان الإمارات المتحدة الدولة الخليجية الغنية بالنفط التي وسعت نفوذها بقوة في القرن الإفريقي خلال السنوات الأخيرة. ويرجع اهتمام الإمارات بالسودان إلي أكثر من عقد من الزمان بدءا من الإمكانات الزراعية الهائلة للبلاد والتي يأمل الإماراتيون أن تخفف من مخاوفهم بشأن الإمدادات الغذائية.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسئولين أن الإمارات ساعدت أيضا في دعم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي وفي عام 2018 دفع الإماراتيون حميدتي إلى إرسال ألاف الجنود للقتال في اليمن.
وأشار إلى أن الإمارات تعد أكبر مشتر للذهب المنتج بشكل رسمي في السودان على الرغم من الروابط التي تربط بين الإمارات وحميدتي ويشير خبير في الشأن الخليجي إلي أن استمرار الوضع الحالي أي الحرب ليس أمرا سيئا من وجهة النظر الروسية والإماراتية، حيث أن الوضع الحالي يتيح لدولة الإمارات الاحتفاظ بنفوذها وهو ما قد لا يكون متاحا في ظل وجود سلطة هيكلية واضحة وجيش لا منازع له .
ويرى السفير البحيري أن حميدتي يسعى منذ أن وصل إلى السلطة إلى تعزيز علاقاته في المنطقة وعلى المستوى الدولي وتشير وكالة الأنباء الفرنسية إلي أن البرهان وحميدتي حاربا الحوثيين ضمن قوات التحالف بقيادة السعودية عام 2015، واستخدم القائدين العسكريين مشاركتهما لتعزيز صورتهما في المنطقة لكنها ترى أن دول الخليج ستختار المنتصر وسوف تنتظر حتى تتضح الصورة تماما.
كما يرتبط حميدتي بعلاقات مع إيطاليا باعتبارها الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوربي التي تعاونت مع قواته لمدة عامين في التدريب من الناحية الفنية وقد يكون اهتمام إيطاليا بحميدتي نظرا لنشأة حميدتي في إقليم دارفور في غرب البلاد المتاخم لليبيا وتشاد حيث يملك نفوذا واسعا في المنطقة مما يتيح إمكانية التعاون معه في محاولة الحد من الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط نحو إيطاليا ودول أوربية أخري كما قد يحاول حميدتي استغلال علاقته بتشاد وسلطته في دارفور لتأمين خط إمداد لقواته في النزاع الحالي.
وفي المقابل قد يعول البرهان علي دعم دولي منبثق من تطبيع العلاقات مع إسرائيل وفقا لما أشارت إليه أجهزة إعلام إسرائيلية عقب انضمامه إلى اتفاقات أبراهام حيث حصل السودان على مساعدات مالية أمريكية بعد سنوات طويلة ظل فيها السودان على لائحة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب ومعزولا من جانب المجتمع الدولي، منوها إلى أنه سبق لدول الخليج أن سعت إلى الاستثمار في قطاعات مثل المواني والزراعة التي يتمتع السودان فيها بإمكانات هائلة كما تسعى روسيا إلى إقامة قاعدة بحرية علي ساحل السودان على البحر الأحمر
وتشير تقارير خبراء من الأمم المتحدة إلى أن الإمارات قدمت أسلحة لقوات الدعم السريع وتفيد مصادر أخرى أن إيران قدمت دعما عسكريا للجيش وترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع البرهان والجيش وشجعت قبل اندلاع الصراع مسارا موازيا للمفاوضات السياسية من خلال القوى التي لها صلات أقوي بالجيش ونظام البشير كما دعمت القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عملية انتقالية تهدف إلى إجراء انتخابات ديمقراطية بعد الإطاحة بالبشير لكن الاهتمام الدبلوماسي بالسودان تقلص بسب حربي أوكرانيا وغزة.
"جهود لإنهاء الحرب"
وأكد السفير البحيري أن هناك دول سعت بقوة لوقف الحرب حيث دعت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي وفودا من الطرفين المتنازعين إلى جدة لإجراء محادثات سلام لكن الاتفاق على وقف إطلاق النار تم انتهاكه من الجانبين مما أدي إلى تعثر الوصول إلى اتفاق. كما أطلقت مبادرات أخري من قبل الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيجاد) ومصر مما أثار القلق من تداخل وتنافس الجهود الدبلوماسية
وأسفر اجتماع جدة الاستثنائي الذي عقد في مقر منظمة التعاون الإسلامي عن بيان ختامي تضمن 16 بندا أبرزها التأكيد على أهمية صون وسلامة أراضيه وبما يجنبه التدخلات الخارجية.
وأعرب البيان الختامي للاجتماع الذي حضره المندوبين الدائمين عن الأسف العميق لتفجر الاشتباكات المسلحة في السودان مع الدعوة للالتزام بالهدنة الإنسانية التي يتم الأنفاق عليها وذلك لضمان وصول المساعدات الإنسانية وكذلك ضرورة الوقف الفوري للتصعيد العسكري وتغليب المصلحة الوطنية بما يحافظ على مقدرات ومكتسبات الشعب السوداني وركز علي أن استمرار العنف سيلقي بظلاله وتداعياته السلبية على الأمن والسلم الإقليمي الذي يشكل جزءا من الأمن والسلم الدولي مع ضرورة التأكيد على أن النزاع في السودان شأن داخلي خالص والتحذير من أي تدخل خارجي، كما أطلقت مصر في وقت سابق من هذا العام مبادرة سياسية للجمع بين الفصائل السودانية المتفرقة لكن بعض الدبلوماسيين الأجانب في الخرطوم الذين كانوا يحاولون التوصل إلى حل وسط بين حميدتي والبرهان كانوا يرون أن مصر تتصرف لصالح الجيش السوداني وضد قوات الدعم السريع.
وقال كاميرون هدسون المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية والمحلل المتخصص في شئون إفريقيا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن : لقد أوضحت مصر أنها لن تتسامح مع زعيم ميليشيا على حدودها الجنوبية، كما استضافت باريس مؤتمرا إنسانيا دوليا من أجل السودان والدول المجاورة يطلق عليه مؤتمر المانحين للسعي لمعالجة ضعف تمويل الطوارئ والنقص الذي يتجاوز 2.5 مليار دولار ونظم المؤتمر بالتعاون مع ألمانيا والاتحاد الأوربي بعد مرور عام على بدء الحرب حيث دعي إليه مسئولين حكوميين من الدول المجاورة للسودان وزعماء مدنيين سودانيين ومنظمات إغاثة دولية لكن لم يدعى أيا من الطرفين المتحاربين وقد توصل المؤتمر لجمع اثنين مليار يورو كدعم عاجل نظرا للوضع الكارثي في السودان التي تعصف بها الحرب الأهلية وذلك لتغطية الاحتياجات العاجلة.
وأشار السفير البحيري إلى بيان الخارجية السودانية الموالية للجيش، حيث أعربت عن دهشتها واستنكارها لانعقاد هذا المؤتمر حول شأن من شؤون السودان الدولة المستقلة ذات السيادة.
موقف مصر من الأزمة ":
أكد السفير البحيري أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شدد خلال مباحثاته مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان على دعم مصر لوحدة الصف السوداني وتسوية النزاع القائم انطلاقا من الارتباط الوثيق بين الأمن القومي للبلدين كما أكد استمرار مصر في الاضطلاع بدورها في تخفيف الاّثار الإنسانية للنزاع على الشعب السوداني مشيرا الى أن هذا الدعم يعكس الروابط التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين والتي انعكست في الدور المصري في استقبال المواطنين السودانيين وتخفيف أثار الأزمة.كما تم التوافق على استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل خلال الفترة المقبلة لما فيها لمصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، حيث تستضيف مصر حوالي خمسة ملايين سوداني فروا من ويلات الفقر والقتال وهناك اتفاقية لحرية الحركة بين البلدين والتي تسمح للمواطنين من الجانبين بالتنقل بينهما في الاتجاهين للإقامة والعمل.
وتابع السفير البحيري قائلا: إن تقديري أنه رغم الأهمية الإستراتيجية الكبيرة التي تتمتع بها السودان بالنسبة لمصالح مصر إلا أنه يبدو أن خيارات مصر محدودة تجاه الموقف في السودان نظرا لما تمر به مصر حاليا من أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
ومع ذلك فجميع المسارات المحتملة للصراع في السودان تعد محفوفة بالمخاطر بالنسبة لمصر فقد يؤدي التدخل بقوة لصالح أي من الطرفين الى نتائج عكسية تؤثر على المصالح العليا لمصر.
ويمكن القول بان مصر تريد أن يتحقق الاستقرار والأمن ووحدة الصف للسودانيين وهي العوامل التي تخدم المصالح الوطنية المصرية.
"خطورة استمرار الأزمة على المنطقة"
وأشاد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، بموقف مصر الداعم لأمن واستقرار السودان والحفاظ على استقرار المنطقة بأكملها، منذ اندلاع الأزمة، مؤكد أن زيارة السيد برهان لمصر في عز الأزمة إلى مصر دليلا على أهمية دور مصر في حل الأزمة التي تهدد أمن واستقرار السودان ومصر والمنطقة بآسرها، مؤكد أن مصر إدارات الأزمة باحترافية وبحكمة كبيرة، ودائما ما طلب ودعت إلى ضرورة وقف الحرب والعمل على دعم وتعزيز استقرار السودان.