حرب السودان.. مدخرات مهددة وممتلكات منهوبة في ظل الفوضى العسكرية
تبتلع الحرب في السودان مدخرات وممتلكات المواطنين، حيث يتعرض ما تبقى منها للنهب على يد الجنود تحت تهديد السلاح في مناطق سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع. وقد ظهرت أسواق للمنهوبات على تخوم مناطق النزاع، حيث تُعرض المسروقات بأثمان زهيدة، مما يعكس تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد.
سطو الجنود والنهب المنظم
على الرغم من أن قوات الدعم السريع عُرفت بممارساتها العدائية، إلا أن الجيش الحكومي كذلك تعرض لاتهامات تتعلق بعمليات النهب. في محلية كرري شمالي أم درمان، انتشرت حوادث السرقة بشكل ملحوظ بعد أن استعاد الجيش السيطرة على أحياء أم درمان القديمة في مارس الماضي. الشهادات من السكان تشير إلى أن منازلهم تعرضت لسرقات طالت الأجهزة الكهربائية والأثاثات، التي تم نقلها إلى سوق عشوائية شمالي أم درمان.
تكررت الشكاوى من المواطنين في وسط وشمال أم درمان، حيث تسيطر القوات الحكومية، من التعرض لعمليات سرقة واعتداءات مسلحة، خاصة في ضاحية الثورة. تفاصيل هذه الانتهاكات أصبحت شائعة، حيث يروي الصحفي عبد الرحمن جبر عن تجربته المؤلمة عندما تعرض هو وأسرته لعمليتي سطو مسلح في منزلهم. عاين جبر كيف نهب جنود يرتدون زي الجيش هواتف أسرته، وكيف تعرض طفل لموقف مشابه من خلال التهديد بالسلاح، مما يشير إلى مدى القلق والخوف الذي يعيشه السكان.
حالات الضحايا وتفاقم الفوضى
حوادث السطو المسلح لم تتوقف عند جبر، بل شهدت عدة أحياء أخرى مشاهد مماثلة. تعرض طفل يبلغ من العمر 12 عامًا لتهديد بالسلاح أمام منزله، وتم نهب هاتفه. كما أن مواطنًا آخر أصيب بطلق ناري في وجهه أثناء محاولته مقاومة سرقة هاتفه. الأوضاع الأمنية المتدهورة دفعت بعض السكان إلى تقديم شكاوى للجيش، لكن غالبًا ما كانت الاستجابة معدومة، مما يخلق شعورًا بالعجز وفقدان الأمل في الأمن.
تجدر الإشارة إلى أن عمليات النهب لا تقتصر على المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بل تم تسجيل انتهاكات مماثلة من قبل بعض أفراد الجيش. وكما أفادت تقارير متعددة، فإن الوضع أصبح مزريًا في العديد من الأحياء، حيث أصبحت الشوارع مسرحًا لعمليات النهب المعلنة، مما دفع بعض الأسر إلى التزام الصمت عن هذه الانتهاكات.
الأسواق السودانية للنهب
بعد استعادة الجيش السيطرة على بعض الأحياء، تم العثور على أسواق شعبية تُعرف باسم "أسواق دقلو"، حيث يُعرض فيها ما نهب من المنازل والمؤسسات. تشير التقارير إلى أن هذه الأسواق قد أُنشئت تحت إشراف الجنود، حيث يبيعون المسروقات سواء كانت مواد غذائية أو أجهزة منزلية بأسعار منخفضة. على الرغم من محاولات قيادة قوات الدعم السريع الحد من تصرفات جنودها، إلا أن هذه الحوادث تستمر بلا هوادة.
في تكساس، سجلت مستشفيات فورت وورث زيادة ملحوظة في عدد الأطفال الذين تم تشخيصهم بالميكوبلازما، حيث بلغت نسبة الحالات 20% من إجمالي الفحوصات في يوليو، مقارنة بنسبة 0% في العام السابق. هذا التحول في نمط العدوى يشير إلى تحديات جديدة تواجه النظام الصحي في ظل ظروف عدم اليقين.
الأثر الإنساني والانفلات الأمني
الوضع الإنساني في السودان يتدهور بسرعة، حيث يعاني العديد من المواطنين من الجوع والمرض نتيجة انعدام الأمن. ناشطة من ضاحية الحلفايا، تعمل على جمع التبرعات، تشير إلى أن مجموعات من عناصر الدعم السريع تواصل نهب الطعام من السكان المحليين، مما يفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية. في حالات عدة، تم تسجيل حالات اعتداء مباشر على السكان الذين يحاولون جلب المؤن الغذائية إلى مناطقهم.
أيضًا، في بعض الأحياء مثل ود مدني، تعرضت حظائر الأغنام للنهب من قبل الجنود، مما أثر سلبًا على حياة المواطنين وزاد من معاناتهم. المواطنون يتحدثون عن تعرضهم لاعتداءات متكررة، حيث أصبحوا عاجزين عن حماية ممتلكاتهم.
دور المجتمع الدولي والحقوق الإنسانية
مع تزايد هذه الانتهاكات والجرائم، فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى التدخل العاجل. يتطلب الوضع في السودان استجابة من منظمات حقوق الإنسان والحكومات العالمية للتصدي لهذه الانتهاكات وحماية المدنيين. يجب على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف المعنية للالتزام بالقوانين الإنسانية وتوفير الحماية للسكان.
في الختام، يجب أن يكون هناك تحرك سريع وجاد لإنقاذ الشعب السوداني من هذه الفوضى المستمرة. إن استمرار هذه الأوضاع سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، وسيضعف أي فرص للسلام والاستقرار في البلاد.