العراق على حافة الهاوية.. هل يمكن للحكومة تجنب دوامة الصراع الإقليمي؟
تتزايد التوترات في العراق في ظل تصعيد الحرب المستمرة في قطاع غزة، وتأثيراتها المتزايدة على الوضع في لبنان. تسعى حكومة بغداد جاهدة لتجنب انزلاق العراق إلى صراعات إضافية، بينما تبرز الدعوات من فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران للاستعداد لتوسيع نطاق الحرب.
تكررت التصريحات من جانب الميليشيات المعروفة بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، التي أعلنت في الآونة الأخيرة عن نيتها شن هجمات بطائرات مسيّرة على أهداف داخل إسرائيل، تضامنًا مع قطاع غزة. وقد أعلنت الميليشيات عن تنفيذ هجوم في الرابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين بانفجار مسيّرة انطلقت من العراق. في اليوم التالي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده "تدافع عن نفسها على سبع جبهات"، متضمنةً التهديدات من الميليشيات الشيعية في العراق.
حكومة بغداد
تحت ضغط هذه الظروف، تكثف حكومة بغداد جهودها الدبلوماسية لتفادي أي تصعيد عسكري داخل العراق. وصرح مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أن الحكومة تجري اتصالات، سواء علنية أو سرية، للحفاظ على استقرار البلاد وسلامة الشعب. وشدد على أن القرار بشأن الحرب والسلم يجب أن يبقى حصرًا بيد الحكومة، مع تأكيده عدم وجود نية لدخول العراق في نزاع قد تكون عواقبه وخيمة.
تواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة، فبالرغم من أن الائتلاف الحاكم يتكون من أحزاب شيعية موالية لإيران، إلا أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحافظ على علاقات إيجابية مع الولايات المتحدة. وفي لقاءات خاصة، ناقش بعض مسؤولي الإطار التنسيقي مع قيادات الفصائل ضرورة توخي الحذر من الهجمات على إسرائيل، محذرين من أن هذه الأعمال قد تعرض العراق لردود عسكرية.
على الرغم من ذلك، فإن بعض قادة الفصائل أكدوا أنهم مستعدون لتحمل عواقب أعمالهم، ودعوا الحكومة إلى عدم التدخل. الأمين العام لكتائب حزب الله، أبوحسين الحميداوي، دعا خلال تصريحات له المقاومين إلى الاستعداد لاحتمال توسع الحرب، مؤكدًا على أهمية توجيه الضربات المركزة إلى أهداف إسرائيلية.
تحاول الحكومة العراقية الحفاظ على سياسة خارجية متوازنة، تجمع بين علاقاتها مع طهران وواشنطن، كما تسعى لتحسين علاقاتها مع دول الخليج. وفي الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في غزة، أكد رئيس الوزراء العراقي على جهود بغداد لتجنب آثار التصعيد، داعيًا إلى مضاعفة الجهود لإنقاذ المنطقة من أزمات محتملة.
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن محاولات الحكومة لعقد حوارات لتهدئة الأوضاع قد تواجه صعوبات. يرى بعض المحللين أنه لا يوجد طرف محدد يمكن للحكومة التفاوض معه، خاصةً في ظل الدعم الواضح الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل.
إذا تصاعدت التوترات إلى مستوى أعلى، قد تجد الحكومة نفسها مضطرة لدعم رد عسكري ضد إسرائيل، خاصةً إذا قررت الأخيرة ضرب أهداف داخل العراق. في الأشهر الأخيرة، استهدفت الفصائل المسلحة قواعد أمريكية في العراق وسوريا، مما أدى إلى ردود عسكرية من الولايات المتحدة، وهو ما يعقد الوضع بشكل أكبر.
تجدر الإشارة إلى أن الفصائل العراقية المسلحة قد هددت مؤخرًا باستهداف القواعد والمصالح الأمريكية في حال استخدام الأجواء العراقية في الهجمات على إيران. على الرغم من ذلك، يحذر الخبراء من أن ميزان القوى غير متوازن بين الفصائل العراقية من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث تمتلك الدولتان تفوقًا استخباراتيًا وتكنولوجيًا كبيرًا.
في هذا السياق، يُتوقع أن تظل الحكومة العراقية في موقف حرج، تحاول الحفاظ على استقرار البلاد في ظل توترات إقليمية متزايدة. في النهاية، يتوقف مستقبل العراق على قدرة الحكومة على إدارة هذه الأزمات، والتواصل مع الفصائل المسلحة، لتفادي تصعيد النزاع وتأثيراته السلبية على الأمن الوطني.