انتفاضة الطلاب الأمريكيين.. صوت العدالة يتعالى في جامعات البلاد
في الآونة الأخيرة، شهدت الجامعات الأمريكية موجة من الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية التي تجتاح البلاد، بدءًا من جامعة ماساتشوستس في بوسطن وصولاً إلى جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس، توسعت هذه الحركة الناشئة لتشمل جامعة بيركلي وجامعة أوستن بتكساس، وجامعة هارفارد التي تعدت الحدود الجغرافية لتكون صوتًا قويًا يدعو للتغيير والعدالة.
في هذا السياق، تصدرت جامعة هارفارد عناوين الأخبار، حيث أطلق طلابها حملة مؤثّرة ضد العدوان على غزة، وقد أعلن أكثر من 30 طالبًا في الجامعة موقفهم بوضوح من خلال رسالة مفتوحة نشروها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر هذه الرسالة أكد الطلاب أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن العنف الذي أودى بحياة أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين الأبرياء.
تأثرًا بهذه التطورات، امتدت الاحتجاجات والاعتصامات إلى جامعات أخرى في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وبالرغم من إغلاق جامعة هارفارد ساحتها الرئيسية تحسبًا للاعتصامات، إلا أن الطلاب أصروا على مواصلة هذه الاحتجاجات السلمية، مؤكدين تضامنهم مع القضية الفلسطينية ومطالبتهم بوقف الإبادة الجماعية.
وعلى الرغم من التهديدات التي تعرضوا لها من قبل بعض المسؤولين التنفيذيين، الذين حاولوا ترويعهم بتدمير حياتهم المهنية، إلا أن رغبتهم في نشر العدالة والسلام استمرت عنيدة.
وفي لوس أنجلوس، شهدت جامعة جنوب كاليفورنيا اعتقال 93 مناهضًا للحرب على غزة، بعد أن تجمعوا في حديقة الحرم الجامعي للتعبير عن رفضهم للعدوان. وبناءً على طلب إدارة الجامعة، دخلت قوات الشرطة مبنى الجامعة لفض الاعتصام، وهو ما أدى إلى إغلاق الجامعة تمامًا بسبب الاحتجاجات المستمرة، ولكن رغم هذا الإجراء أكد الطلاب أنهم لن يستسلموا، وسيواصلون نضالهم السلمي من أجل دعم الشعب الفلسطيني وإيقاف العدوان.
وفي جامعة أوستن في تكساس، شهدت الحركة الطلابية اعتقال 34 شخصًا بسبب تنظيمهم اعتصامًا وتصديهم للقوات الأمنية، ويصر هؤلاء الطلاب على الوقوف في وجه الظلم والتمسك بقضية الشعب الفلسطيني.
وفي هذه الأثناء، يستمر طلاب جامعة كولومبيا في اعتصامهم المفتوح منذ ثمانية أيام، احتجاجًا على الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ورغم المهل التي أعطتها إدارة الجامعة للطلاب لإنهاء الاعتصام، إلا أنهم رفضوا الانسحاب وأكدوا على استمرار نضالهم.
باتت هذه الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأمريكية صرخة تنادي بالعدل والسلام، إنها حركة تشهد تضامنًا قويًا مع الشعب الفلسطيني وتعبر عن رفض العنف والإبادة الجماعية، وعلى الرغم من التحديات والتهديدات التي يواجهونها، فإن هؤلاء الطلاب يثبتون أن صوتهم لن يسكت، وأنهم على استعداد للتضحية من أجل قضية العدالة والحقوق الإنسانية.
وقابل طلاب كولومبيا، زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، مع عدد من أعضاء المجلس الجمهوريون مساء أمس، بصيحات الاستهجان والهتافات المؤيدة للفلسطينيين.
وهدد جونسون بخفض التمويل الفيدرالي ، إذا لم تتمكن الجامعات من السيطرة على هذه المشكلة، موضحا أنها بذلك لا تستحق أموال دافعي الضرائب. وأشار أنه سيعمل على تشريع تعديل بهذا على المستوى الفيدرالي. وأن هناك اتفاق بذلك بين الحزبين
ودعا رئيس مجلس النواب رئيسة الجامعة نعمت شفيق، إلى الاستقالة إذا لم تتمكن من إحلال النظام على الفور. مؤكدا على أن الكونجرس لن يصمت بينما يُتوقع من الطلاب اليهود الهروب للنجاة بحياتهم والبقاء في منازلهم.
ويرى جانب كبير من الجمهوريين في مجلس النواب، أن كليات وجامعات النخبة تجنح مؤخرا للانحراف نحو اليسار، ومن ثم كان هناك عدد من المحاولات لاستدعاء رؤساء الجامعات إلى استجواب في مجلس النواب، وهو الأمر الذي رفضته الغالبية العظمي من أساتذة الجامعات، بوصفه تعدي علي الحرية الأكاديمية. بينما استسلمت له رئيس جامعة كولومبيا نعمت شفيق، في محاولة لتجنب ما أصاب زملائها في جامعتي هارفارد وبنسيلفانيا، اللذين اضطرا إلى تقديم استقالاتهم.
ولم تتوقف الأزمة مع نعمت شفيق عند هذا الحد، بل اتسعت رقعة الخلاف مع بعض أعضاء هيئة التدريس بسبب الاعتداء غير المسبوق على حقوق الطلاب، بعد استدعاء الشرطة للحرم الجامعي دون الرجوع لمجلس شيوخ الجامعة. وهو الأمر غير المرحب به منذ احتجاجات عام 1968، عندما ساعدوا بعنف في إزالة الطلاب الذين كانوا يحتلون المباني الجامعية في ذروة الحركة المناهضة للحرب على فيتنام. ومن جانب أخر، يعتقد أساتذة الجامعة أن الطلاب يمارسون ويطبقون ما يدرسونه من ممارسات ديمقراطية. كما يروا أن الجامعة ستدخل موجة ضد المثقفين في الأيام القادمة.
توحدت مطالب الطلاب المعتصمون بالجامعات الأمريكية على عدد من النقاط منها فك الارتباط الاستثماري والأكاديمي مع إسرائيل، العفوعن جميع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تعرضوا لإجراءات تأديبية أو فصلوا من الجامعة لأنهم شاركوا في المظاهرات المؤيدة لفلسطين. ووقف الإبادة والحرب على غزة.
والمعروف أن في مثل هذه الأيام من كل عام، تشهد الجامعات الأمريكية الاستعدادات لاحتفالات التخرج، لكن الطلاب ذو النظرة الأفلاطونية المثالية أثروا التمسك بمبادئهم وما تعلموه في الكتب ومزاولة ما يؤمنون به على أرض الواقع.