علاقة إيران بحركة الشباب.. تعاون سري مُريب
العلاقة بين إيران وحركة الشباب الصومالية معقدة ومتعددة الأوجه، وتتميز بوجود تاريخ طويل من التعاون السري.
تتهم إيران بتقديم الدعم المالي والعسكري لحركة الشباب، بما في ذلك الأسلحة والذخائر والتدريب. في عام 2018، كشف تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة عن تورط إيران في تمويل وتسليح حركة الشباب، مما يخالف العقوبات المفروضة على الحركة.
تستخدم إيران منصاتها الإعلامية لنشر الدعاية المؤيدة لحركة الشباب، وتصويرها كمقاومة مشروعة ضد التدخل الأجنبي، كما أن هناك مزاعم عن تعاون استخباراتي بين إيران وحركة الشباب، حيث قد تُستخدم الحركة لجمع المعلومات عن خصوم إيران في المنطقة.
وتُولي إيران اهتمامًا خاصًا بالصومال، للعديد من الأسباب، من بينها محاولة استغلال ثرواتها، فقد تم سابقًا رصد عمليات صيد للسفن الإيرانية في المياه الإقليمية الصومالية، دون الحصول على تراخيص من الجهات الرسمية في الصومال، وتوظيف الجماعات المتطرفة لتحقيق أجنداتها في الشرق الأوسط، لذا عملت على تأسيس علاقات سرية مع حركة "شباب المجاهدين" في الصومال، حيث تنشط الحركة في منطقة القرن الأفريقي، وجنوب البحر الأحمر.
وحاولت إيران، من خلال اعتمادها على منظماتها الخيرية فى نشر التشيع والتجسس، التمهيد للتعاون مع حركة "شباب المجاهدين"، كما فتحت أبوابها أمام البعثات الدراسية القادمة من أفريقيا، وخاصة إقليم شرق أفريقيا، للدراسة في الحوزات الدينية، مثل قم وغيرها. واعتمدت العلاقة بين إيران وحركة "الشباب" على مبدأ تحقيق المصالح المتبادلة للطرفين، ففي عام 2018 كشف تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة، عن ضلوع إيران في تمويل وتسليح حركة "الشباب" ومخالفة العقوبات المفروضة على الحركة، حيث كانت الأمم المتحدة قد فرضت عقوبات على الصومال، وحركة "الشباب"، في عام 2012، شملت حظر صادرات الفحم، لقطع التمويل عن الحركة، للحد من أنشطتها الإرهابية.
وقامت إيران، حينها، بتحويل موانئها وأراضيها إلى نقطة عبور لصادرات الفحم غير المشروعة من المناطق التي تسيطر عليها الحركة إلى وجهتها النهائية في موانئ إيران، حيث يعاد تصديرها كمنتجات إيرانية، كما سهّلت تلك العلاقة على طهران، عام 2017، الحصول على اليورانيوم من المناجم التي تسيطر عليها الحركة، لرفع مستوى أنشطتها النووية. لكن اتجاهات عديدة تستبعد ذلك، باعتبار أن إيران ليست في حاجة للحصول على اليورانيوم من المناجم الصومالية، في ظل وجود كميات منها في إيران نفسها، فضلاً عن أن ذلك لا يبدو مهمة سهلة في ظل المراقبة الدولية على هذا النوع من المعادن، على نحو يضع عقبات عديدة أمامها.
وقد نجحت إيران، من خلال تلك العلاقة، في نقل الأسلحة إلى ميليشيا الحوثي في اليمن، وإلى دول أخرى، مثل كينيا، وتنزانيا، وجنوب السودان، وموزمبيق، وجمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى استخدامها تلك الجماعات المتطرفة في تهريب النفط الإيراني إلى داخل الصومال، قبل إعادة بيعه عبر أفريقيا، للتحايل على العقوبات الأمريكية مع استخدام بعض هذه العائدات لتمويل الميليشيات في الصومال، واليمن. كما شكلت، من خلالها، تهديداً للمصالح الأمريكية في البحر الأحمر، وأفريقيا، فقد أشارت تقارير عديدة إلى أنها ووكلاءها متواطئون في هجمات حركة "الشباب" على الجيش الأمريكي، والقوات الصومالية والأفريقية في الصومال وكينيا.
تواصل إيران تهريب السلاح في منطقة القرن الأفريقي، وتعد الصومال وجهتها المفضلة، حيث كشفت دراسة "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية"، في 10 نوفمبر 2021، عن أن أسلحة إيرانية نقلت إلى الحوثيين يتم تهريبها بشكل ممنهج عبر خليج عدن إلى الصومال، واستند تقرير المنظمة إلى بيانات عن أكثر من 400 قطعة سلاح، جرى توثيقها في 13 موقعاً بأنحاء الصومال، على مدى 8 أشهر، ومخزونات من 13 قارب اعترضتها سفن عسكرية.