اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي
كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل هل تصب تهديدات بوتين النووية في مصلحة ترامب؟

الاختطاف في نيجيريا.. أزمة الجرائم المتكررة تهدد الأمن والاستقرار

أزمة الاختطاف في نيجيريا
أزمة الاختطاف في نيجيريا

أزمة الاختطاف في نيجيريا تعتبر واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد، حيث يشير العديد من التقارير إلى ارتفاع معدلات الاختطاف في نيجيريا خلال السنوات الأخيرة، حيث تشمل الضحايا غالبًا الأشخاص العاديين بالإضافة إلى السياسيين والرجال الأعمال.

تتنوع أسباب الاختطاف في نيجيريا، وتشمل التطرف الديني والاقتصاد الضعيف وتفشي البطالة والفقر، بالإضافة إلى انعدام الأمن في بعض المناطق وتعقيدات الصراعات العرقية والقبلية، و تنشط في البلاد أيضًا جماعات مسلحة وعصابات مختصة في الاختطاف لأغراض مالية أو لتحقيق أهداف سياسية.

تشير التقارير إلى أن الحكومة النيجيرية تبذل جهودًا لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن لا تزال التحديات كبيرة نظرًا للتعقيدات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد، و من المهم تعزيز التعاون الدولي وتعزيز القدرات الأمنية المحلية لمكافحة الاختطاف وتحقيق الأمن والاستقرار في نيجيريا.

ولكنّ موجة الاختطاف داخل نيجيريا تعود إلى بدايات القرن الحالي، وتحديدًا في أواخر عام 2005م عندما ارتفعت عمليات اختطاف عمال النفط المغتربين مِن قِبَل “حركة تحرير دلتا النيجر” (Movement for the Emancipation of the Niger Delta)، التي تشكو من سنوات الظلم والاستغلال والتهميش مِن قِبَل الحكومة النيجيرية -التي تستفيد اقتصاديًّا من نفط منطقة دلتا النيجر بإقليم جنوب البلاد (أو أقصى الجنوب)، وتتجاهل تخلّف أحوال المنطقة اقتصاديًّا، وقلة الاهتمام بالتنمية فيها، مع التدهور البيئي الناتج عن عمليات التنقيب عن النفط.

وفي السنوات اللاحقة من عام 2005م امتدت حالات الاختطاف إلى جنوب شرق البلاد؛ حيث كانت ولاية “آبيا” (Abia) مركزًا لعمليات الاختطاف، لتجتاح الأزمة بعد ذلك منطقة جنوب نيجيريا بأكملها.

ومع ذلك، بدأت عمليات الاختطاف بطريقة جماعية، وبشكلها المنتشر الحالي في منتصف أبريل من عام 2014م عندما “بوكو حرام” حوالي 276 طالبة من فتيات المدارس الثانوية في بلدة شيبوك بولاية “بورنو” الواقعة في إقليم شمال شرق نيجيريا.

ومنذ ذلك الوقت وقعت حالات اختطاف جماعية كثيرة؛ فمنذ عام 2019م شهدت البلاد ما لا يقل عن 735 عملية اختطاف جماعي، شملت أكثر من 15،398 ضحية.

وبحسب تقرير حديث، فقد حدث في نيجيريا منذ بداية عام 2024م ما لا يقل عن 68 عملية اختطاف جماعي تتجاوز عدد ضحاياها كامل أعداد المخطوفين في عامي 2019 و2020 معًا.

ومن بين عمليات الاختطاف التي حدثت في العام الجاري 2024: حادثة اختطاف تمت يوم 29 فبراير عندما اختطف مسلحون أكثر من 200 نازح داخليًّا (معظمهم أطفال) في منطقة حكومة نغالا المحلية بولاية بورنو شمال شرق نيجيريا. وفي أول شهر مارس تم اختطاف 112 نازحًا داخليًّا من مخيم “غامبورو نغالا” في ولاية بورنو، وتبع ذلك في 7 مارس اختطاف حوالي 287 طالبًا من المدارس الابتدائية والثانوية في ولاية كَدُونا، إضافة إلى حادثة وقعت يوم 18 مارس؛ حيث تم اختطاف أكثر من 87 شخصًا في بلدة كاجورو في الولاية نفسها الواقعة في إقليم شمال غرب نيجيريا.

أما فيما يتعلق بالأسباب الجذرية لأزمة الاختطاف في نيجيريا؛ فهي معقَّدة ومتداخلة مع مجموعة من القضايا الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية، مثل ارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع مستوى التضخم، وضعف أو انعدام الأمن الغذائي، وانتقال الأنشطة الإرهابية من شمال شرق البلاد إلى مناطق أخرى، إلى جانب عدم الاستقرار في منطقة دلتا النفطية ومناطق أخرى بجنوب شرق نيجيريا.

إن كثرة عمليات الاختطاف في السنوات الأخيرة، ومشاركة مختلف الفئات الاجتماعية فيها تُفضي إلى القول بأن هذه الجريمة صارت اقتصادًا مزدهرًا في البلاد، وأن تصاعدها يتزامن مع التضخم المرتفع والاقتصاد المتعثر والصعوبات المرتبطة بارتفاع تكاليف المعيشية في الشهور الأخيرة؛ إذ يبلغ عدد سكان نيجيريا اليوم حوالي 228 مليون شخص وفقًا لتقديرات أبريل 2024م، ويمثل الشباب 70 في المئة من ذلك العدد، بينما 42 في المئة من عدد الشباب تحت سن 15 عامًا. ومع ذلك، قدّرت تقارير في عام 2021 إجمالي عدد العاطلين عن العمل في نيجيريا بنحو 6.3 مليون شخص، بينما قال البنك الدولي: إن معدل البطالة في البلاد بلغ 33.3 بالمئة في الربع الرابع من عام 2020م (وهذا الرقم يشمل أولئك الذين لا يعملون أو يبحثون ومتاحون للعمل، وأولئك الذين يعملون من 1 إلى 19 ساعة في الأسبوع).

ويُضاف إلى ما سبق أن متوسط تضخم أسعار المستهلك في نيجيريا بلغ 13 بالمئة في السنوات العشر حتى عام 2022م، وهو معدل أعلى من المتوسط الإقليمي في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والذي قُدِّر بـ9.4 في المئة.

وهناك تقارير أخرى أفادت بأن معدل التضخم في البلاد في فبراير من العام الجاري (2024) ارتفع إلى 31.70 بالمئة. وهذا يعني أن الشباب والعاطلين عن العمل والخريجين الشباب لا يملكون سوى خيارات محدودة، مثل الهجرة خارج البلاد، أو بدء مشروع تجاري صغير في حالة توفّر رأس المال، أو الانضمام إلى عصابة مجرمة وجماعات إرهابية مستعدة لتوفير الراتب الشهري ورأس المال لإطلاق أعمالهم التجارية.

وهناك الكثير من الدراسات الحديثة التي كشفت عن حجم الصعوبات التي يواجهها النيجيريون في محاولات لتأمين مبالغ بسيطة ورأس مال صغير لتأسيس مشاريعهم الزراعية والتكنولوجية، وغيرها من الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة التي قد تساعدهم معيشيًّا وتدفع عجلة التنمية والاقتصاد في البلاد.

ويعتقد البعض أيضًا أن الزيادة الأخيرة في عمليات الاختطاف لها طبيعة سياسية؛ سواء من حيث تواطؤ مسؤولين استخباراتيًّا مع الجماعات التي تُنفّذ الاختطاف، أو التعاون مع الخاطفين للحصول على نصيب محدد. وهذا الموقف يُذكِّر بالتدهور والانفلات الأمني بين عامي 2014 و2015م، عندما أثار اختطاف فتيات تشيبوك غضبًا وطنيًّا، واستُخدِمَ هذا الغضب مِن قِبَل منطقة شمال نيجيريا وأحزاب المعارضة السياسية ضد الرئيس آنذاك “غودلاك جوناثان” الذي خسر لاحقًا رئاسيات عام 2015 أمام “محمد بخاري” مرشح حزب المعارضة الرئيسي من شمال نيجيريا.

موضوعات متعلقة