واردات الغاز إلى أوروبا.. تفوق روسي وانخفاض أمريكي رغم العقوبات على موسكو
لأول مرة منذ نحو عامين تفوقت الواردات الروسية من الغاز على نظيرتها الأمريكية إلى أوروبا في مايو الماضي، رغم الجهود الأوروبية للحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي بعد حرب أوكرانيا في عام 2022، وفقاً لما ذكرته صحيفة "فاينانشيال تايمز".
بحسب شركة ICIS للطاقة، شكلت شحنات الغاز والغاز الطبيعي المسال عبر الأنابيب الروسية 15% من إجمالي الإمدادات إلى دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسويسرا وصربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية، في حين بلغت الإمدادات الأمريكية للمنطقة 14%، وهو أدنى مستوى لها منذ أغسطس 2022.
ورغم أن تراجع الإمدادات الأمريكية جاء نتيجة لعوامل مؤقتة، إلا أن هذا يبرز الصعوبة التي تواجهها أوروبا في تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، خاصة أن دولاً عديدة في أوروبا الشرقية لا تزال تعتمد بشكل كبير على الواردات من روسيا، التي تواجه عقوبات وقيود أوروبية وأمريكية شديدة.
وقال توم مارزيك مانسر، رئيس قسم الطاقة في الاتحاد الأوروبي، للصحيفة: "من المثير للدهشة أن نرى الحصة السوقية للغاز الروسي والغاز الطبيعي المسال أعلى قليلاً في أوروبا بعد كل الجهود المبذولة لفصل إمدادات الطاقة وتقليل المخاطر". وأضاف أن هذا الوضع قد لا يستمر، حيث من المتوقع أن تزداد شحنات الغاز الروسي إلى آسيا عبر طريق بحر الشمال خلال الصيف.
وأشار مارزيك مانسر إلى أن روسيا قد تواجه تحديات في الحفاظ على هذه الحصة في أوروبا مع ارتفاع الطلب على الغاز في الشتاء المقبل، بينما ينمو إنتاج الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة مع دخول قدرات جديدة إلى السوق العالمية بنهاية العام. كما أن انتهاء اتفاقية العبور بين أوكرانيا وروسيا هذا العام قد يعرض التدفقات للخطر.
من جهتها، أشارت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي، قدري سيمسون، إلى المخاوف بشأن تحويل الغاز الطبيعي المسال من أوروبا لتلبية الطلب في آسيا، مشيرة إلى أن طوكيو وبروكسل أنشأتا نظام إنذار مبكر لمراقبة نقص الغاز الطبيعي المسال واتفقا على إجراءات لتوفير الطاقة.
وأكدت سيمسون أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمواجهة أي نقص محتمل في العرض أو زيادة في الطلب في أسواق الغاز العالمية، حيث لا تزال مستويات تخزين الغاز مرتفعة، بينما انخفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 20% مقارنة بعام 2021.
وتدعم المفوضية الأوروبية جهود وضع خطة استثمارية لتوسيع قدرة خطوط الأنابيب في ممر الغاز الجنوبي بين الاتحاد الأوروبي وأذربيجان.
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن تدفقات الغاز في مايو تأثرت بعوامل مؤقتة مثل انقطاع التيار الكهربائي في منشأة أميركية رئيسية لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وزيادة شحنات الغاز الروسية عبر تركيا قبل الصيانة المخطط لها في يونيو.
جاء هذا التراجع في ظل ارتفاع الواردات الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال الروسي، رغم الضغوط التي تمارسها بعض دول الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات عليها.
بعد الغزو الروسي، خفضت موسكو إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، مما دفع المنطقة إلى زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، خاصة من الولايات المتحدة، التي تفوقت على روسيا كمورد رئيسي للغاز إلى أوروبا منذ سبتمبر 2022.
وتوقفت روسيا في منتصف عام 2022 عن إرسال الغاز عبر خطوط الأنابيب التي تربطها بشمال غرب أوروبا، لكنها استمرت في تقديم الإمدادات عبر خطوط الأنابيب المارة بأوكرانيا وتركيا.