فاينانشيال تايمز: ماكرون المنعزل يُكافح لمعرفة ما يخبئه له المستقبل
أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في مقال رأي نشرته اليوم الثلاثاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بات منعزلًا بشكل كبير من جراء عدة ضربات انتخابية أخيرة، يكافح جاهدًا الآن لمعرفة ما يخبئة له المستقبل خاصة بعدما أصبحت قدرته على إتمام فترة ولايته موضع تساؤل .
واستهلت الصحيفة المقال، الذي كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف، بقول إن صوتًا واحدًا في فرنسا هو الصامت حتى الآن بنحو غير معهود، وذلك وسط ردود الفعل الصادمة أو الحائرة أو المبتهجة التي أثارها صعود اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الفرنسية الأخيرة، وهو صوت الرئيس ماكرون، الذي أدت حساباته الخاطئة إلى اضطرابات كان ملتزمًا بتجنبها لفترة طويلة.
وأضافت الصحيفة أن ماكرون ، عندما فاز بالرئاسة في عام 2017 على حساب ماري لوبان، وعد ناخبوه بأنهم "لن يكون لديهم سبب واحد للتصويت للتطرف مرة أخرى"، ولكن بعد سبع سنوات، جمع حزب التجمع الوطني بزعامة لوبان 11 مليون صوتًا، مما رفع نسبة تأييده إلى 33.2% من 17.3% في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة وجاءت جبهة يسارية واسعة في المركز الثاني بنسبة 28%، في حين جاء تحالف ماكرون الوسطي في المركز الثالث بفارق كبير بنسبة 20.8% من الأصوات. وبعد دقائق قليلة من إغلاق صناديق الاقتراع، نشر قصر الإليزيه الرئاسي بيانًا قصيرًا دعا فيه القوى "الديمقراطية والجمهورية" إلى التجمع ضد حزب التجمع الوطني في الجولة الثانية. لكن هذا النداء سرعان ما تلاشى بسبب التفسيرات المتضاربة من زعماء آخرين معارضين لليمين المتطرف .
وتابعت الصحيفة أن لوبان المنتصره سرعان ما أعلنت أن الانتخابات "محوت كتلة ماكرون"، وأُعلن للتو عن زوال الماكرونية، وهو المفهوم الذي ناضل مؤسسها نفسه من أجل نشره على شاشات التلفزيون الفرنسي، في تطورات سياسية جعلت الشارع السياسي في فرنسا يتساءل عما إذا كان ماكرون نفسه لم يُمحى! فلم يهتم أحد بذكره ولا حتى وزير داخليته المخلص، جيرالد دارمانين الذي كان من بين القلائل الذين وافقوا على قرار الرئيس المتهور بحل الجمعية الوطنية "البرلمان" في 9 يونيو الماضي وبات الآن في موقف دفاعي من أجل الحفاظ على منصبه .
وأشارت الصحيفة إلى أن دارمانين لم يكن وحده الذي تخلى عن رئيسه؛ حيث ابتعد عنه حلفاء آخرون بشكل أو بآخر خلال الأسبوعين الماضيين، بدءًا برئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب، الذي اتهمه بـ "قتل أغلبيته". ومع اقتراب موعد السباق الرئاسي لعام 2027، أضاف فيليب: "الآن حان الوقت للمضي قدمًا" في حين رفض مرشحو ماكرون وضع صورته على ملصقاتهم الانتخابية، وهي أفضل طريقة للخسارة، كما رأوا. وبوصفه زعيمًا منعزلًا إلى حد كبير، سيجد ماكرون نفسه الآن معزولا على نحو متزايد وهذه المرة، ليس بمحض إرادته.. حسب قول الصحيفة.
ومضت "فاينانشيال تايمز" تتصور سيناريوهات ما بعد إتمام الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المقررة يوم الأحد المقبل، من بين ذلك برلمان معلق يخلو من أغلبية لأي حزب ولكنه قد يحتوي على مجموعة يمينية متطرفة قوية. وقد لا يؤدي هذا إلى تبسيط الأمور، بل يؤدي بدلاً من ذلك إلى الشلل السياسي، وفي هذه الحالة سيطالب حزب التجمع الوطني باستقالة الرئيس باعتبارها السبيل الوحيد لحل الأزمة، مع الإشارة إلى رسالة وجهها ماكرون إلى مواطنيه المحبطين في 23 يونيو الماضي ألزم فيها نفسه بالبقاء "لحماية جمهوريتنا وقيمنا"!.