سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.. بين النجاح التكتيكي والفشل الاستراتيجي
سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.. على مدى عقود، نفذت إسرائيل عمليات اغتيال ضد قادة الحركات الفلسطينية المسلحة والدول المناهضة لها في فترات زمنية مختلفة. آخر هذه العمليات كانت مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران.
إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن مقتل هنية، لكنها أقرت بتنفيذها لعملية استهداف القيادي في حزب الله اللبناني، فؤاد شكر، بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.. اغتيال إسماعيل هنية
منذ بداية العدوان على غزة، زادت إسرائيل عمليات الاغتيال ضد قادة وكوادر تنظيمات المقاومة الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، وأيضًا ضد قادة عسكريين واستخباريين إيرانيين في سوريا.
عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات
عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات خلال الحرب على غزة تفتح الباب لفحص استراتيجيتها ومدى اعتمادها على هذه العمليات لتحقيق مزاعم الأمن، دراسة بعنوان "عمليات القتل المستهدف الإسرائيلية قبل وأثناء الانتفاضة الثانية: مقارنة سياقية"، التي قام بها أولدريش بوريس وأندرو هوكينز، تشير إلى أن أول عمليات الاغتيالات الإسرائيلية بدأت في عام 1956.
تلك العملية استهدفت مصطفى حافظ، ضابط استخبارات حربية مصري في غزة، وصلاح مصطفى، الملحق العسكري المصري في الأردن، وجاءت رداً على دعمهما للفدائيين الفلسطينيين.
هذا يعكس استمرار إسرائيل في سياسة الاغتيالات التي كانت معروفة منذ فترة العصابات الصهيونية قبل تأسيس الدولة عام 1948، مثل اغتيال عصابة شتيرن لكل من اللورد موين، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في عام 1944، والكونت فولك برنادوت، المبعوث الأممي للقضية الفلسطينية.
سياسة الاغتيالات التي امتدت عبر عقود شملت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية وحزب الله، بالإضافة إلى الشخصيات التي تعتبر داعمة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك غير الفلسطينيين.
أساليب استخدام سياسة الاغتيالات الإسرائيلية
استخدمت إسرائيل مجموعة متنوعة من الأساليب في تنفيذ الاغتيالات، منها الطرود المفخخة، والمسدسات المزودة بكواتم الصوت، والسيارات المفخخة، والقنص، والمواد الكيميائية السامة والخنق، والطائرات المسيرة، وحتى القصف الجوي بقنابل ضخمة لضمان تدمير الهدف بشكل كامل.
لعب جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) دوراً رئيسياً في هذه العمليات حتى قبيل اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، حيث تم تنفيذ معظم العمليات خارج فلسطين في الفترة من عام 1956 إلى عام 1999.
بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، نفذت إسرائيل أغلب عمليات الاغتيال في غزة والضفة الغربية، وتميزت بدور جيش الاحتلال وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) في تنفيذ هذه العمليات.
قبل اندلاع الانتفاضة الثانية، كانت عمليات الاغتيال الإسرائيلية تركز بشكل أساسي على استهداف القادة الكبار في فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، أو الأفراد الذين يمتلكون مهارات استراتيجية بارزة. ومنذ عام 2000، تغيرت هذه السياسة لتشمل أيضًا تصفية القيادات الوسطى والمقاتلين بهدف الحد من زخم الانتفاضة.
وفقًا للدراسة التي نشرها سيمون برات حول "تطور منطق سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى"، نُفذت 134 عملية اغتيال بين أكتوبر 2000 ويوليو 2007، أسفرت عن مقتل 367 شخصًا.
تشريع سياسة الاغتيالات الإسرائيلية قانونيًا
في عام 2002، اتخذت إسرائيل خطوة استثنائية على مستوى العالم بتشريع عمليات الاغتيال قانونيًا، وهو ما وضع ضوابط للتنفيذ لم تلتزم بها بشكل كامل. من هذه الضوابط، عدم إمكانية اعتقال الشخص المستهدف عمليًا، وعدم تنفيذ الاغتيالات داخل إسرائيل، والالتزام بمبدأ التناسب لتجنب الأضرار الجانبية، والحصول على موافقة رئيس الوزراء ووزير الدفاع قبل التنفيذ.
إسرائيل اعتمدت سياسة الاغتيالات لتحقيق أهداف متعددة تختلف حسب الشخصيات المستهدفة، ومن بين أبرز تلك الأهداف:
تحقيق الانتقام وتعزيز الردع، من خلال إيصال رسالة بأن يدها طويلة وقادرة على الوصول إلى أي شخص يعمل ضد إسرائيل، مع تأكيد أنها لا تنسى ولا تغفر لمن قتل إسرائيليين.
رفع المعنويات للإسرائيليين وزيادة التصعيد ضد خصومهم، مما يعزز من شعورهم بأن حكومتهم تدافع عنهم وتتخذ إجراءات لحمايتهم من التهديدات.
إضعاف فاعلية فصائل المقاومة، من خلال استهداف قادتهم والكوادر الفاعلة، مما يضعهم تحت ضغط مستمر يؤثر على قدرتهم على التنظيم والتحركات، ويقلل من فعاليتهم واتصالاتهم.
حرمان المقاومة من الشخصيات الموهوبة التي تمتلك خبرات ومهارات متراكمة، والتي لا يمكن نقلها بسهولة إلى آخرين.
المراهنة في بعض الحالات على إضعاف الجماعات التي تم اغتيال قادتها، عبر إيجاد فجوات تؤدي إلى خلافات داخلية وانقسامات بعد غياب القادة الكاريزميين الذين يلتف حولهم الباقون.
رفع كلفة الانضمام إلى المقاومة ضد الاحتلال، بهدف ترهيب المجتمع ودفعه للابتعاد عن الأنشطة التي تثير ردود فعل إسرائيلية قوية.
بشكل عام، هذه السياسة تعكس استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى تعزيز أمن إسرائيل والحد من تأثيرات المقاومة الفلسطينية واللبنانية على الأراضي الإسرائيلية.
إسرائيل اعتمدت سياسة الاغتيالات لتحقيق أهداف متعددة تختلف حسب الشخصيات المستهدفة، ومن بين أبرز تلك الأهداف:
تحقيق الانتقام وتعزيز الردع، من خلال إيصال رسالة بأن يدها طويلة وقادرة على الوصول إلى أي شخص يعمل ضد إسرائيل، مع تأكيد أنها لا تنسى ولا تغفر لمن قتل إسرائيليين.
رفع المعنويات للإسرائيليين وزيادة التصعيد ضد خصومهم، مما يعزز من شعورهم بأن حكومتهم تدافع عنهم وتتخذ إجراءات لحمايتهم من التهديدات.
إضعاف فاعلية فصائل المقاومة، من خلال استهداف قادتهم والكوادر الفاعلة، مما يضعهم تحت ضغط مستمر يؤثر على قدرتهم على التنظيم والتحركات، ويقلل من فعاليتهم واتصالاتهم.
حرمان المقاومة من الشخصيات الموهوبة التي تمتلك خبرات ومهارات متراكمة، والتي لا يمكن نقلها بسهولة إلى آخرين.
المراهنة في بعض الحالات على إضعاف الجماعات التي تم اغتيال قادتها، عبر إيجاد فجوات تؤدي إلى خلافات داخلية وانقسامات بعد غياب القادة الكاريزميين الذين يلتف حولهم الباقون.
رفع كلفة الانضمام إلى المقاومة ضد الاحتلال، بهدف ترهيب المجتمع ودفعه للابتعاد عن الأنشطة التي تثير ردود فعل إسرائيلية قوية.
سياسة الاغتيالات الإسرائيلية نجحت في تفكيك تنظيمات فلسطينية صغيرة مثل "أيلول الأسود" في بعض الحالات، ولكنها لم تتمكن من تفكيك الجماعات التي تمتلك قاعدة اجتماعية تسمح بجذب أعضاء جدد، وتعزز قدراتها القيادية والكفاءات بشكل سريع لتعويض فقدان القادة، كما يحدث في حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان.