اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

وفاة حميدتي.. أسرار الحياة والموت في ساحة الصراع السوداني

حميدتي قائد الدعم السريع
حميدتي قائد الدعم السريع

لم يكن جنود "الدعم السريع" وحدهم من ينفون الشكوك حول حياة قائدهم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بل كان أيضاً هناك تباين في الآراء بين قيادات الجيش السوداني حول مصيره، فيما يتهم بعض أعضاء النظام السابق بتغذية هذه القصة وتداولها في كل مناسبة، محاولين بذلك إلهاء قطاعات واسعة من المجتمع السوداني في الداخل والخارج، بما في ذلك النازحين واللاجئين، عن دورهم الفعّال في الأحداث الجارية وسير المعارك.

في كل مرة يظهر فيها حميدتي، يثار الشك حول حقيقة ظهوره، أحياناً بسيناريوهات معدة مسبقاً أو من خلال ردود ونقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي. هناك من لا يصدق أن حميدتي "حي يرزق"، كما يروج جنوده، وهناك من لا يتمنى ذلك، مما يؤدي إلى استمرار الإشاعات وتضخيم القصة.

خلال إحدى فترات الهدنة القصيرة التي رعتها الولايات المتحدة والسعودية في الأسبوع الأول من الحرب، أعلن "الدعم السريع" عن تعرض موقعه الإلكتروني للاختراق، وظهور نعي لقائدهم. اتهم البيان الجيش السوداني بالاختراق ونشر أخبار غير أخلاقية، في إشارة إلى نعي حميدتي.

فيما انتشرت أخبار مقتل حميدتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي إثر غارة جوية، ظهر هو في وقت لاحق بزي عسكري على عربة مسلحة، محاطاً بجنوده بالقرب من القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه قواته منذ بداية الحرب.

طوال الأشهر الأولى من الصراع، كان الجدل دائراً حول مصير حميدتي، مع محاولات من أنصار الجيش لتأكيد مقتله ونفيه من قبل أنصار "الدعم السريع". أجرت بعض وسائل الإعلام مقابلات معه قبل أن يختفي مجدداً، ليعود الجدل حول حياته من جديد.

تزايد الجدل حول مصير حميدتي، خاصة بعد أن صار يكتفي بالتسجيلات الصوتية والمصورة، بعد أن كان حضوره طاغياً قبل الحرب. فترة وجوده في منصب نائب رئيس مجلس السيادة كانت مليئة بالنشاطات الداخلية والإقليمية والدولية، ما جعل البعض يظن أنه يعد نفسه لدور الرئيس المقبل.

الغياب المستمر لحميدتي عن ساحة المعركة أثار الشكوك حول سبب ذلك، سواء كان لأسباب أمنية أو بسبب الإصابة أو المرض، مع استبعاد فرضية الموت. استعاض إعلام "الدعم السريع" عن ظهوره الفعلي بالتسجيلات المصورة، مثل كلمته المسجلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما أثار المزيد من الشكوك حول إمكانية التلاعب بهذه المواد عبر الذكاء الاصطناعي.

بالتوازي مع ذلك، بدأت تظهر روايات مختلفة حول مقتل حميدتي. بعض الناشطين أفادوا بأنهم حصلوا على معلومات من طبيب كان ضمن الفريق الذي أجرى عملية جراحية معقدة له في مستشفى "شرق النيل" بعد إصابته البالغة، وأن حميدتي توفي في 17 أبريل، لكن جثته بقيت في الثلاجة لسبعة أيام قبل دفنه.

روايات أخرى زعمت أنه قُتل بعد ضربة استهدفت موكبه وتم دفنه في الصحراء، أو أنه يتلقى العلاج في إحدى دول الجوار. وفي سياق مشابه، ظهر رجل أعمال سوداني-هولندي ذكر أنه احتُجز من قبل قوات "الدعم السريع" وأكد أن المعلومات التي حصل عليها من طبيب في مستشفى "شرق النيل" تشير إلى أن حميدتي كان يتلقى جراحة عاجلة.

في المقابل، كان هناك من ينفي هذه الروايات، مؤكدين أن حميدتي موجود ويقود العمليات العسكرية بنفسه، وأن ظهور التسجيلات المصورة فقط هو لتأمين سلامته وإخفاء تحركاته. وصرح مستشارو حميدتي وإعلامه بأن كل ما يقال عكس ذلك هو مجرد خيال، وأن حميدتي في ساحة المعركة، ويتخذ قرارات ظهوره بناءً على اعتبارات أمنية.

وبالنسبة لبعض العسكريين، فإن التقدم على الأرض والطبيعة القتالية لم تكن تشير إلى مقتل حميدتي، في حين اعتبر البعض الآخر أن الجدل حول مصيره هو مجرد حرب نفسية تهدف لتحقيق انتصارات وهمية من طرفي الصراع.

أخيراً، أكد عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار أن الجدل حول مصير حميدتي هو معركة غير ذات جدوى، وأنه يعكس مجرد محاولة لتشتيت الانتباه عن حقيقة الوضع العسكري. وأشار إلى أن التفاصيل حول مقتله، إن كانت صحيحة، كانت ستعلن من قيادة الجيش السوداني، لكن الحقيقة تبدو أنها تشير إلى استمرار حميدتي في المعارك، مختفياً أحياناً لأسباب منطقية.