بين الضغوط الداخلية والتحديات الإقليمية.. كولومبيا أمام معضلة فنزويلية
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، يواجه تحديات معقدة تتعلق بعلاقاته مع فنزويلا، حيث تزداد الضغوط من المعارضة الداخلية على خلفية إعادة انتخاب نيكولاس مادورو.
ضغوط داخلية وخارجية
تُعتبر كولومبيا في وضع دقيق، حيث يسعى بيترو للتنقل بين ضغوط المعارضة التي تطالب بتحقيق تقارب مع القوى المناهضة لمادورو، وضرورة الحفاظ على علاقات دبلوماسية واقتصادية مستقرة مع كراكاس. الوضع الحالي يتسم بالتوترات الداخلية، إذ يرى العديد من الكولومبيين أن مادورو قد سرق الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 يوليو، مما يزيد من صعوبة موقف بيترو.
التوترات بين كولومبيا وفنزويلا
تشير تصريحات لويسا ريفيرا، مهاجرة فنزويلية تعيش في بوغوتا، إلى أن دعمها لتغيير النظام في فنزويلا يأتي مع خوفها من أن تؤدي التوترات الدبلوماسية إلى تعقيد قدرتها على زيارة عائلتها المتبقية في فنزويلا. كما أن إغلاق الحدود في عام 2019 كان له آثار كبيرة على الروابط بين البلدين.
وفقًا لرونال رودريغيز، الباحث في جامعة روزاريو في بوغوتا، "كولومبيا لا يمكنها قبول الاحتيال الذي حدث في 28 يوليو، لكنها لا يمكنها أيضًا قطع العلاقات مع فنزويلا"، مما يجعل هامش المناورة أمام بيترو محدودًا للغاية.
جهود الوساطة وتحدياتها
يؤكد التقرير أن جهود الوساطة بين كولومبيا والبرازيل والمكسيك قد تعثرت، حيث تسعى هذه الدول لإقناع الحكومة الفنزويلية بقبول انتخابات جديدة أو على الأقل إصدار نتائج الانتخابات. ومع ذلك، يبدو أن حكومة مادورو تفضل القمع على الحوار، مما يجعل الموقف أكثر تعقيدًا.
مواقف المعارضة الكولومبية
في كولومبيا، تدعو المعارضة اليمينية إلى اتخاذ موقف حازم ضد نظام مادورو، مشيرة إلى خطوات مشابهة لتلك التي اتخذتها دول أخرى مثل الأرجنتين وبيرو. وقد صرحت السيناتور ماريا فرنندا كابال بأن "كولومبيا يجب أن تعترف بحق الشعب الفنزويلي في الحرية، الذي يعاني تحت نظام دكتاتوري".
آثار الأزمة على السكان
تؤثر الأزمة السياسية في فنزويلا بشكل كبير على كولومبيا، حيث يعيش أكثر من 8 ملايين فنزويلي في كولومبيا منذ عام 2015. وبينما ينتقد بعضهم بيترو بسبب علاقاته بمادورو، يرى آخرون أن تطبيع العلاقات بين البلدين يعد أمرًا هامًا. يذكر أن غياب التمثيل القنصلي قد أدى إلى تعقيد حياة هؤلاء المهاجرين، مما جعل من الصعب عليهم الحصول على الوثائق الضرورية.
جهود استعادة العلاقات
منذ توليه منصبه، سعى بيترو إلى استعادة العلاقات مع فنزويلا، حيث ارتفعت التجارة الثنائية بشكل ملحوظ، مع زيادة صادرات كولومبيا إلى فنزويلا بنسبة 46% في النصف الأول من عام 2024. ومع ذلك، لا تزال هذه التبادلات بعيدة عن المستويات التي كانت عليها قبل خمسة عشر عامًا، حيث يتعين على كولومبيا الحفاظ على مبادئها الديمقراطية.
التحديات الأمنية
تتواصل التحديات الأمنية في كولومبيا، حيث تواجه الحكومة عقبات في المفاوضات للسلام مع "جيش التحرير الوطني" (ELN). تظل هذه التوترات قائمة، وخاصة بعد الاعتداء الذي تبنته الجماعة المسلحة في سبتمبر، مما يزيد من تعقيد الموقف.
تُظهر هذه الديناميكيات أن كولومبيا تحت رئاسة غوستافو بيترو تمر بمفترق طرق حاسم. تتداخل القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل متزايد، مما يجعل كل قرار يتخذ له عواقب عميقة على العلاقات الثنائية مع فنزويلا، مما يضع بيترو في موقف صعب يتطلب توازنًا دقيقًا بين مختلف المصالح.