ماكي سال.. من الاعتزال إلى العودة للحلبة السياسية في السنغال
عاد الرئيس السنغالي السابق ماكي سال إلى الساحة السياسية بشكل مفاجئ، بعد أن أعلن اعتزاله الحياة السياسية في وقت سابق. إذ يتزعم الآن ائتلافًا معارضًا جديدًا يواجه حكومة الرئيس باسيرو ديوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو، وفقًا لتقرير نشرته مجلة "جون أفريك".
عند مغادرته السلطة في 2 أبريل 2024، عبّر سال عن رغبته في الابتعاد عن السياسة، مشيرًا إلى أنه يعتزم اتباع خطى الرئيس السنغالي الأسبق عبدو ضيوف، للتركيز على حياته الخاصة. ومع ذلك، جاءت عودته المفاجئة بعد أشهر من قضاء فترة بعيدة عن الشأن العام في مراكش، ما أثار دهشة الكثيرين، خاصة في ظل الأزمة السياسية التي تلت قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية في فبراير 2024.
في البداية، كان سال مشغولًا بالمشاركة في مهام عالمية، بما في ذلك دوره كموفد خاص لـ "ميثاق باريس من أجل الشعوب والكوكب" (4P) للترويج لمبادرات السلام والتنمية. ولكن مع تصاعد التوترات السياسية، اتهمت الحكومة الجديدة، بقيادة سونكو، فريق سال بسوء إدارة الاقتصاد والتلاعب بالبيانات المتعلقة بالدين الوطني.
تحت هذه الظروف المتوترة، واجه العديد من حلفاء سال السابقين تحديات قانونية، بما في ذلك وزير الرياضة السابق لات ديوپ، الذي تم سجنه. يعتقد المراقبون أن سال، الذي يُعتبر "رجل شريف"، لم يستطع الوقوف مكتوف الأيدي بينما تتعرض سمعته للهجوم.
وذكر عبد الكريم فوفانا، وزير التجارة السابق في حكومة سال، أن الأخير كان دائمًا مستعدًا للتضحية من أجل سمعته، مشبهًا الوضع الحالي بموقفه السابق عندما ترك الحزب الديمقراطي السنغالي تحت قيادة عبد الله واد لبدء مسيرته السياسية الخاصة.
حادثة المطار وعودة سال
في 7 أكتوبر، تعرض سال وزوجته لموقف في مطار الدار البيضاء، حيث اتهمته امرأة سنغالية بالتورط في مقتل المتظاهرين خلال احتجاجات بين عامي 2021 و2024. وبعد اعتقالها وإطلاق سراحها لاحقًا، اعتبر أنصار سال هذه الحادثة "خطأ دبلوماسيًا". في أعقاب هذه الواقعة، استقال سال من منصبه كموفد خاص لـ (4P) مشيرًا إلى الظروف السياسية في السنغال، وأعلن ترشحه على رأس ائتلاف المعارضة "تاكو والو" في الانتخابات التشريعية المقبلة في نوفمبر.
يلاحظ المحللون أن عودة سال لا تتعلق فقط بالسياسة، بل تهدف أيضًا إلى حماية نفسه من الإجراءات القانونية المحتملة من خلال الحصانة البرلمانية.
تحالفات جديدة ورهانات انتخابية
شكل ائتلاف سال الجديد "تاكو والو السنغال" تحالفًا غير متوقع مع الحزب الديمقراطي السنغالي، حزبه السابق، حيث يسعى الائتلاف إلى تحدي الحزب الحاكم لتحقيق توازن في السلطة داخل الجمعية الوطنية.
لكن التوترات الداخلية ظهرت بالفعل، إذ أدت عملية اختيار المرشحين إلى خلافات بين أعضاء الائتلاف، حيث اتهم البعض سال باحتكار السلطة في اتخاذ القرارات. ومع ذلك، يعتقد العديد من أنصار سال أن قيادته ستكون حاسمة لتوحيد الحزب وإطلاق حملة انتخابية ناجحة.
ومع اقتراب الانتخابات في نوفمبر، يبقى السؤال الرئيس هو ما إذا كان سال سيعود إلى السنغال لقيادة حملته الانتخابية. رغم إشارته في وقت سابق إلى إمكانية عودته، فإن مصادر مقربة منه تشير إلى أن ذلك "قد لا يكون مطروحًا"، مما يزيد من التكهنات حول مستقبله في السياسة السنغالية.