الرموز الدينية في المدارس.. خطوة نحو توافق ثقافي في السنغال
أصدر وزير التربية والتعليم في السنغال مرسومًا يسمح بارتداء الرموز الدينية، مثل الحجاب والصليب، في المدارس العامة والخاصة، في خطوة تهدف إلى حل الجدل المستمر حول هذه القضية. جاء هذا القرار بعد انتهاء العطلة الصيفية وبدء العام الدراسي 2024-2025، وسط أجواء من التوترات التي بدأت في نهاية يوليو الماضي.
جهود الحكومة للتخفيف من التوتر
خلال جولة إشرافية له في معهد “لا كاثيدرال”، وهو مدرسة كاثوليكية خاصة، أكد الوزير مصطفى غويراسي أهمية المرسوم الجديد، الذي تم اعتماده في 6 أكتوبر. وأشار إلى أن هذا القرار يهدف إلى مواءمة اللوائح الداخلية لجميع المدارس في السنغال، مع احترام المعتقدات الدينية وتعزيز التعايش بين مختلف الفئات. وشدد على أن الهدف ليس خلق مشاكل جديدة، بل تعزيز التماسك الوطني.
الجدل المستمر حول الحجاب
تاريخيًا، كانت قضية ارتداء الحجاب في المدارس موضوعًا للجدل في السنغال. ففي عام 2019، تم رفض قبول فتيات محجبات في معهد جان دارك في داكار. وعلى الرغم من وجود بعض الحالات النادرة من التمييز، فإن الوضع العام في المدارس الكاثوليكية يميل إلى التسامح. ومع ذلك، هناك قلق من بعض المدارس بشأن تأثير الرموز الدينية على التماسك الاجتماعي.
ردود فعل مختلف الأطراف
أثارت تصريحات رئيس الوزراء عثمان سونكو بشأن الحجاب ضجة كبيرة، خاصة في الأوساط الكاثوليكية التي تمثل أقل من 5% من السكان. حيث طالب سونكو بعدم السماح لبعض المدارس بحظر الحجاب، مؤكداً على ضرورة تمتع جميع التلميذات بنفس الحقوق. وقد عُبر المجلس الوطني للعلمانية، الذي يجمع بين الجمعيات والحركات الكاثوليكية، عن استيائه من هذه التصريحات، معتبرًا إياها تهديدًا للمدارس الكاثوليكية.
في سياق متصل، حاول وزير التربية تهدئة الأوضاع، موضحًا أن تصريحات سونكو تم فهمها بشكل خاطئ، وأن الهدف كان التأكيد على أهمية الإدماج المدرسي.
نموذج للتعايش
تهدف اللوائح الجديدة إلى تعزيز التماسك الوطني والقبول بالاختلافات الدينية. تشتهر السنغال بتعايش الأديان، حيث يمثل المسلمون 95% من السكان، وهو ما يتطلب إدارة القضايا الدينية بحذر. يشير بعض الخبراء إلى أن الدين جزء لا يتجزأ من المجتمع والسياسة في السنغال، ويلعب دورًا مهمًا في تعزيز التماسك الاجتماعي.
السياق السياسي
تعود التوترات حول الحجاب إلى التحولات السياسية في البلاد مع وصول الرئيس باشيرو ديومايي فاي ورئيس وزرائه سونكو إلى السلطة، حيث يسعيان إلى تعزيز السيادة الوطنية. وقد يرى البعض أن الجدل حول الحجاب يعكس تعبيرًا عن الهوية الإسلامية في سياق سياسي متغير. ويؤكد عبد الله سوناي، مدرس وباحث متخصص في الأديان، أن وصول ديومايي إلى السلطة مرتبط بخطاب ثوري يتبنى قيمًا معينة للدين.
دور وزارة العبادة
في خطوة جديدة، أعلن الرئيس السنغالي عن إنشاء وزارة للعبادة اعتبارًا من عام 2025، وهي سابقة في البلاد. يعتقد البعض أن هذه الوزارة قد تسهم في إدارة القضايا الدينية بشكل أكثر فعالية، وتوفير إطار لتعزيز الحوار بين الأديان، وهو ما قد يسهم في تعزيز الاستقرار السياسي.
تتطلب قضية الرموز الدينية في المدارس في السنغال معالجة حساسة لضمان استمرار التعايش والتماسك الاجتماعي، في ظل الظروف المتغيرة والأزمات الإقليمية. إن نجاح هذا المرسوم يعتمد على كيفية تنفيذه والتفاعل بين مختلف الأطراف المعنية في المجتمع السنغالي.