اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي
كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل هل تصب تهديدات بوتين النووية في مصلحة ترامب؟

إسرائيل تستهدف «القرض الحسن».. هل ينجح الضغط الاقتصادي في كسر حزب الله؟

حزب الله وإسرائيل
حزب الله وإسرائيل

في إطار تصعيد جديد ضد حزب الله، أصدرت إسرائيل تحذيرًا استثنائيًا للبنانيين، طالبت فيه بالابتعاد عن فروع مؤسسة "القرض الحسن"، التي تعتبر الشريان المالي للحزب. هذا التحذير يأتي ضمن خطة إسرائيلية تهدف إلى تقويض نفوذ حزب الله عبر استهداف مصادر تمويله الرئيسية، خاصة "القرض الحسن" الذي يُموّل جناح الحزب العسكري ويدعم عملياته الداخلية والخارجية.

تحمل مؤسسة "القرض الحسن" أهمية استراتيجية لحزب الله في لبنان. فالحزب الذي يدير نظام رعاية اجتماعية واسع يشمل المدارس والمستشفيات والخدمات الاجتماعية، يعتمد بشكل كبير على هذه المؤسسة في تمويل مشاريعه. تعتبر "القرض الحسن" مؤسسة مالية تعمل خارج النظام المصرفي اللبناني التقليدي، ما يسمح لها بتجنب العقوبات الغربية التي تستهدف حزب الله منذ سنوات. ورغم تصاعد الضغوط الغربية، لا تزال المؤسسة تلعب دورًا رئيسيًا في دعم الحزب اقتصاديًا.

وفقًا لما نقلته مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، فإن الضربة التي وجهتها إسرائيل لمؤسسة "القرض الحسن" تمثل محاولة لتعطيل التدفقات المالية التي يعتمد عليها حزب الله لتمويل جناحه العسكري. هذا الجناح يمثّل القوة الضاربة للحزب، وتستخدم المؤسسة لتسديد رواتب المقاتلين وشراء المعدات، وذلك بعيدًا عن الأنظمة البنكية الخاضعة للعقوبات الأمريكية.

رغم أن إسرائيل والغرب قد فرضوا عقوبات متزايدة على "القرض الحسن"، بما في ذلك وضع رئيسها عادل محمد منصور على القائمة السوداء، إلا أن التأثير الحقيقي على نشاط الحزب ظل محدودًا. تشير التقارير إلى أن إيران تُموّل حزب الله بمبالغ سنوية تصل إلى 700 مليون دولار، يتم تهريب جزء منها إلى لبنان عبر وسائل سرية، من ضمنها إرسال الأموال عبر سفير إيران الذي يحمل النقد إلى بيروت. كما تُشغل إيران شبكات مالية في الغرب وأفريقيا وآسيا لدعم حزب الله، حيث يتم استخدام تجار النفط والأحجار الكريمة في تمويل عمليات الحزب.

وتُظهر الأدلة التي جمعتها وزارة الخزانة الأمريكية أن حزب الله يستفيد من شبكة عالمية من الممولين والمهربين، الذين يساعدونه في جني مئات الملايين من الدولارات سنويًا. هذه الأموال تُستخدم في تمويل عملياته العسكرية، بينما يُموّل باقي نشاطاته الخدمية والاجتماعية عبر "القرض الحسن" والمؤسسات الخيرية المرتبطة به.

تاريخيًا، استفاد حزب الله من وضعه كقوة شبه حكومية في لبنان، حيث يسيطر حلفاؤه على بعض الوزارات الرئيسية، ويستفيد من الدعم الإيراني المباشر في تمويل مشاريعه. إلا أن الاقتصاد اللبناني المنهار منذ عام 2019، زاد من اعتماد الكثير من اللبنانيين على مؤسسات الحزب، مما عزز من نفوذه الداخلي. ومع تصاعد الضغوط الإسرائيلية والغربية على الحزب، يبدو أن هدف هذه الضربات الاقتصادية هو إضعاف قدرة الحزب على تقديم الخدمات المالية والاجتماعية لأعضائه وأنصاره.

في السنوات الأخيرة، أظهرت التقارير الغربية أن حزب الله يُهرّب الأموال عبر جمعيات خيرية في أوروبا وأمريكا الشمالية، بعضها حقيقي والآخر يُستخدم كواجهة لأنشطة تمويلية سرية. وقد فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2021 عقوبات على مؤسسة "الشهداء"، وهي جمعية خيرية توزع المساعدات على عائلات مقاتلي حزب الله، في محاولة لكبح التدفقات المالية التي تتدفق إلى الحزب.

من جانبه، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن استهداف "القرض الحسن" لن يوقف تمويل حزب الله بشكل كامل، ولكنه سيؤثر بشكل كبير على قدرته في إدارة نشاطاته الاقتصادية والعسكرية داخل لبنان. وتعتمد إسرائيل في استراتيجيتها على أن ضرب البنية التحتية المالية للحزب سيؤدي إلى إضعاف قدرته على الحفاظ على استقرار نظامه الداخلي، وخاصة في ظل تزايد الشكاوى من المقاتلين بشأن تأخر رواتبهم.

ورغم الضغوط المتزايدة من إسرائيل والغرب، يبدو أن حزب الله يظل قادرًا على تحريك موارده بطرق سرية. تظل إيران هي الداعم الرئيسي للحزب، وتواصل توفير الدعم المالي واللوجستي له عبر قنوات معقدة تشمل وسطاء في تجارة النفط العالمية وشبكات تهريب تمتد عبر القارات. ومع استمرار الحصار الاقتصادي المفروض على الحزب، يبقى السؤال: إلى متى يستطيع حزب الله الحفاظ على تدفقاته المالية وسط هذه الضغوط الهائلة؟

في النهاية، إذا نجحت إسرائيل في ضرب شبكة "القرض الحسن" بشكل فعال، فإن هذا قد يشكل ضربة قاسية لقدرة حزب الله على تمويل نشاطاته، وربما يزيد من الضغوط على الحزب للتنازل عن بعض من قوته السياسية والعسكرية في لبنان. لكن في الوقت الحالي، يظل حزب الله لاعبًا قويًا في المشهد اللبناني، معتمدًا على الدعم الإيراني والقدرة على المناورة المالية في ظل العقوبات الغربية.