حماس بين الضغوط العسكرية والمفاوضات السياسية.. هل تتحكم الحركة في ورقة الأسرى؟
رصد الإعلام العبري تحولا في الاستراتيجية الخاصة بحركة حماس، في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بالمفاوضات حول الأسرى، والإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها الحركة، مع الحديث عن تزايد الانقطاعات في التواصل بين القيادات الميدانية للمجموعة والمسؤولين عن احتجاز الأسرى.
قطع الاتصال والإجراءات الأمنية المشددة
وفقًا لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أفادت مصادر فلسطينية أن الاتصال بين قيادة حماس في قطاع غزة والمسؤولين عن الأسرى قد تم قطعه منذ حوالي شهر. وقد تم اتخاذ هذه الخطوة لأسباب أمنية، بهدف حماية الرهائن وضمان سلامتهم، في وقت يستمر فيه التفاوض حولهم. وأكدت الصحيفة أن حماس تروج لهذه الإجراءات الأمنية باعتبارها ضرورية للحفاظ على "ورقة التفاوض" الخاصة بها، والتي تتعلق بمصير الأسرى، مشيرة إلى أن الحركة لن تقدم أي معلومات حول الأمريكيين المختطفين دون مقابل.
مفاوضات الأسرى: رفض فلسطيني لطلب واشنطن
التطور الأبرز في هذا السياق كان رفض الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، طلبًا من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحصول على معلومات وفيديوهات تتعلق بالأمريكيين المختطفين، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. وحسب الصحيفة، اعتبرت الفصائل أن واشنطن لم تُظهر أي نية جادة لوقف الهجمات أو الوصول إلى اتفاق هدنة، مما دفعهم لرفض الطلب. هذا الموقف يعكس رفض الفصائل الفلسطينية لأي تسوية قد تضر بمصالحها الاستراتيجية في ظل استمرار الحصار العسكري والسياسي على قطاع غزة.
الظهور الإعلامي للأسير الإسرائيلي ساشا
في وقت متزامن مع تلك التطورات، ظهرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقريرًا عن الأسير الإسرائيلي "ساشا"، الذي تحتجزه حركة الجهاد الإسلامي بالتنسيق مع حماس. وتم تداول مقطع فيديو للأسير الإسرائيلي كجزء من ضغط إعلامي يهدف إلى تعزيز الحديث عن إمكانية إجراء تسويات سياسية تتعلق بالأسرى.
حماس في غزة: تصريحات متناقضة
من جهة أخرى، حاولت حركة حماس طمأنة أنصارها والمنظمات الدولية بشأن استقرار الوضع في غزة، حيث نفى مصدر في الحركة التقارير التي تحدثت عن فقدان القيادة السيطرة على الأوضاع في القطاع. وأكد المصدر أن جميع القرارات الاستراتيجية تتخذ بتنسيق كامل بين مختلف مستويات القيادة في الحركة.
في المقابل، ركز الإعلام الإسرائيلي على ما وصفه بتراجع قدرة حماس على التحكم بالميدان العسكري في شمال غزة، مشيرًا إلى أن الحركة باتت تعتمد على نشطاء عسكريين يعملون بشكل فردي وغير احترافي، ويتخذون من الأنفاق التي زعمت إسرائيل أنها دمرتها مأوى لهم. هذه التقارير تشير إلى أن حماس تواجه تحديات في مواصلة تنظيم الأنشطة العسكرية بشكل منظم، وهو ما يعكس الضغوط العسكرية والاقتصادية التي تتعرض لها الحركة في أعقاب الحرب المستمرة.
التطورات السياسية والعسكرية على جبهة لبنان
التطورات على جبهة لبنان، والتي تزامنت مع تلك التحركات، تشير إلى أن هناك محاولة لإعادة ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية من قبل الفصائل الفلسطينية، بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات محتملة. وربما تكون هذه التحركات مرتبطة بآمال في التوصل إلى تسويات سياسية في المستقبل القريب، سواء في سياق الحرب على غزة أو في إطار محادثات أوسع تتعلق بمصير الأسرى ووقف إطلاق النار.
في المحصلة، تبدو حركة حماس، رغم الضغوط العسكرية والاقتصادية المتزايدة، قادرة على الحفاظ على أوراقها التفاوضية، وتحاول استخدام قضية الأسرى لتحقيق مكاسب سياسية. من جهة أخرى، تبدو إدارة الرئيس بايدن في وضع محرج، إذ تسعى للحصول على معلومات حول الأمريكيين المختطفين، لكن الفصائل الفلسطينية ترفض تقديم أي تنازلات دون مقابل. في الوقت نفسه، يبرز الإعلام العبري التحديات التي تواجه حماس في قطاع غزة، والتي قد تؤثر على قدراتها المستقبلية في ظل الضغوط المتزايدة من جميع الجوانب.