اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

ركام غزة.. بقايا منازل تروي قصص مأساة لا تنتهي

غزة
غزة

لا يمضي يوم على المواطن رجاء عويضة (45 عامًا) دون أن يتوجه إلى أطلال منزله المدمر في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، في محاولة منه لاستعادة ذكرياته مع أبنائه الأربعة الذين استشهدوا هناك في غارة جوية نفذتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي في 14 أغسطس 2024.

بينما يحمل قلبه المكلوم الألم والحزن، يتأمل عويضة، الذي فقد عينه وقدميه جراء القصف، ركام منزله الذي كان في يوم من الأيام مصدر الأمان والدفء لعائلته. اليوم، بات المنزل شاهدًا على مأساة غير قابلة للنسيان، حيث يتناثر الحطام في كل مكان، وكأنما يبحث عويضة بين تلك الأنقاض عن ضحكات أبنائه وذكرياتهم التي ما زالت حية في مخيلته.

مجزرة في 14 أغسطس 2024

في 14 أغسطس 2024، تعرض منزل عائلة عويضة لعدة ضربات صاروخية من قبل طائرات الاحتلال، مما أسفر عن استشهاد 18 شخصًا، بينهم أبناؤه الأربعة: شيماء (23 عامًا)، التي كانت حاملاً في شهرها السادس، و لؤي (22 عامًا) الذي كان يستعد للخطوبة، و أسماء (16 عامًا) و محمد (15 عامًا).

يقول عويضة لـ"الأناضول": "أصبت بجروح خطيرة خلال القصف، فقدت قدميّ الاثنتين وعيني، بالإضافة إلى حروق في ظهري وأجزاء من جسدي". ورغم إصاباته التي جعلته مقعدًا على كرسي متحرك، يواصل عويضة زيارة أنقاض منزله يوميًا، يتنقل بين الحجارة باحثًا عن بقية من الذكريات، عله يجد فيها شيئًا من الراحة.

أزمة صحية ومحنة مستمرة

يعاني عويضة من وضع صحي صعب جراء إصاباته، إذ يتطلب حالته زيارات متكررة للمستشفى، ولكن التحديات التي يواجهها لا تتوقف عند حد الألم الجسدي. يشير إلى "نقص حاد في المستلزمات الطبية" و "ارتفاع تكاليف النقل إلى المستشفى"، الأمر الذي يزيد من معاناته اليومية. كما أن إغلاق معابر غزة، وعلى رأسها معبر رفح الذي دمرته قوات الاحتلال في مايو 2024، يفاقم من الأزمة الصحية للسكان الذين يعانون من إصابات بالغة، ويحول دون نقل المرضى للعلاج خارج القطاع.

ارتفاع معدلات الإصابة بالبتر بسبب القصف الإسرائيلي

وكشفت تقارير دولية، منها ما نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في يوليو 2024، أن شظايا الأسلحة الإسرائيلية ساهمت بشكل كبير في ارتفاع معدلات عمليات بتر الأطراف في غزة. وقال الأطباء العاملون في مستشفيات غزة إن العديد من عمليات البتر كانت نتيجة لإطلاق صواريخ وقذائف إسرائيلية مصممة لتفجير شظاياها في مناطق مكتظة بالمدنيين، مما أدى إلى إصابات خطيرة للغاية.

حياة مدمرة وآمال ضائعة

كان عويضة، مثل أي أب، يحلم بأن يرى أبناءه يكبرون أمامه ويعيشون حياة مستقرة، لكن هذا الحلم تبدد تحت ركام منزله. في كل مرة يعود فيها إلى أطلال منزله، يشعر بحنين شديد للمكان الذي شهد ذكريات أسرته، حيث كانوا يعيشون معًا في أمان وحب.

وحول الوضع العام في غزة، قالت سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في القطاع، في سبتمبر 2024، إن أكثر من 22 ألف شخص يعانون من إصابات "غيرت حياتهم" نتيجة العدوان الإسرائيلي، إضافة إلى إصابات خطيرة في الأطراف تقدر بين 13 ألفًا و17 ألفًا، مما يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعايشها سكان القطاع.

دمار شامل وحصار مستمر

منذ السابع من أكتوبر 2023، تواصل قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، مستهدفة المدنيين والمرافق العامة على حد سواء، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 147 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. إضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى وجود أكثر من 10 آلاف مفقود، مع استمرار الوضع المأساوي الذي يعيشه السكان تحت الحصار والدمار الشامل.

كل يوم يمر، تزداد معاناة العائلات في غزة، وتستمر معركة البقاء في مواجهة القصف والحصار والتدمير المستمر الذي لا يميز بين كبير أو صغير، بين المدنيين والمسلحين، بين الأمل والدمار.

موضوعات متعلقة