إيران تتنفس الصعداء.. وقف إطلاق النار فرصة لإعادة بناء قوة حزب الله واستراتيجيتها الإقليمية
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن إيران، بعد النكسات الأخيرة التي تعرضت لها، ترى في وقف إطلاق النار مع ميليشيا حزب الله فرصة لإعادة تجميع صفوفها والحفاظ على ما تبقى من قدرة هذه الميليشيا على التفاعل مع الضغوط التي تتعرض لها.
على الرغم من أن إيران قد أعلنت أن وقف القتال يُعتبر انتصارًا لحزب الله، إلا أن دبلوماسيين غربيين أكدوا أن المسؤولين الإيرانيين عملوا خلف الكواليس على تسوية الموقف من أجل تخفيف الخسائر التي تعرضت لها الميليشيا، وهو ما يعكس اعترافًا ضمنيًا بالأضرار التي لحقت بهذا الجناح العسكري الحيوي لاستراتيجية الردع الإيرانية.
الضغوط الإيرانية بسبب التصعيد
وفقًا للصحيفة، فإن وقف إطلاق النار هذا الأسبوع قد خفف مؤقتًا بعض الضغوط على إيران، التي لطالما كانت الراعي الرئيس لحزب الله. منذ بداية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، الشريك الآخر لطهران، كانت إيران في مواجهة تصاعدي مع إسرائيل، وقد تعاملت معها مباشرة في بعض الأحيان، ولكنها ظلت بشكل عام على هامش المعركة.
لكن مع تفجر الصراع بين إسرائيل وحزب الله وتحوله إلى حرب مفتوحة، ازدادت الضغوط على إيران بشكل كبير، حيث نجحت إسرائيل في القضاء على قيادة الحزب العسكرية العليا. وقد خلفت الغارات الإسرائيلية في سبتمبر/ أيلول مقتل أحد قادة الحزب، مما زاد من تعقيد الوضع. وتواصلت الضغوط في أكتوبر/ تشرين الأول بعد تنفيذ إسرائيل غارات جوية استهدفت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية ومنشآت إنتاج الصواريخ.
ضغط إيراني من أجل وقف النار
تسببت هذه الضغوط في إقدام إيران على الضغط من أجل وقف إطلاق النار، بحسب دبلوماسيين غربيين وإقليميين مطلعين على المفاوضات. رغم ذلك، كانت إيران قد ألمحت سابقًا إلى إمكانية إعادة النظر في موقفها من الأسلحة النووية، وهو ما أثار القلق لدى المسؤولين الأمريكيين.
وبينما يُبرز المسؤولون الإيرانيون وقف إطلاق النار كإنجاز استراتيجي و"عرضًا لقوة حزب الله"، فإن الواقع على الأرض في لبنان أكثر قتامة. فالميليشيا ما تزال تحصي قتلاها، فيما دمرت الحرب العديد من المدن والقرى اللبنانية.
الخسائر الاقتصادية في لبنان
وبحسب البنك الدولي، تقدر الخسائر الاقتصادية المادية التي تكبدها لبنان جراء الحرب بنحو 8.5 مليار دولار، مما يجعل وقف إطلاق النار فرصة حيوية لإيران لتقييم الخسائر وتحليل الأوضاع. هذا الهدوء يمكن أن يساعدها على إعادة بناء قدرات حزب الله، الذي كان في وقت من الأوقات أحد أقوى أذرعها العسكرية في المنطقة.
ورغم ذلك، يبقى السؤال حول قدرة إيران على تمويل هذه الجهود، في ضوء العقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها.
في الختام، يشير التقرير إلى أن إيران استفادت من وقف إطلاق النار للحفاظ على ما تبقى من ميليشيا حزب الله، مع إمكانية إعادة تقييم استراتيجيتها الإقليمية للردع. لكن يبقى المستقبل غير واضح، حيث تواجه إيران تحديات كبيرة في إعادة تأهيل لبنان وحزب الله نتيجة للضغوط الاقتصادية والسياسية.