بلينكن في قلب الشرق الأوسط.. محاولات إدارة أزمات المنطقة قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض
اختتم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، زيارته للشرق الأوسط التي هدفت إلى منع المنطقة من الانزلاق نحو الفوضى بعد الإطاحة المفاجئة بالرئيس السوري بشار الأسد. جاءت الزيارة في إطار محاولات إدارة الرئيس جو بايدن لتبريد الأزمات الإقليمية قبل أن يتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مفاتيح البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2025.
وكان بلينكن من كبار المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا المنطقة في الأسابيع الأخيرة، وذلك ضمن جهود إدارة بايدن للتعامل مع حالة عدم اليقين العميقة حول كيفية تعامل إدارة ترامب المقبلة مع قضايا الشرق الأوسط. شملت زيارات بلينكن كلًا من الأردن وتركيا والعراق، حيث سعى إلى صياغة رؤية مشتركة بشأن مستقبل سوريا ما بعد الأسد، في ظل تباين مصالح شركاء وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
تغير الأولويات
على الرغم من أن الهدف الأساسي لرحلات بلينكن الـ11 إلى المنطقة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كان محاولة تأمين وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن أولوياته قد تغيرت بشكل مفاجئ. حيث تولى مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، جهود إدارة وقف إطلاق النار، في الوقت الذي كان بلينكن يواصل مشاوراته حول القضايا السورية.
الوقت يداهم إدارة بايدن
تواجه إدارة بايدن تحديات كبيرة في الشرق الأوسط، حيث تتزايد الانتقادات حول تجاهل سلوك إسرائيل العسكري في غزة ومعاملة المدنيين. لكن رغم هذه الانتقادات، حققت إدارة بايدن نجاحًا نسبيًا في دفع جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وميليشيا حزب الله في لبنان، وهو وقف هش ولكنه مستمر حتى الآن.
رسم مسار جديد لسوريا
ورغم الأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل مغادرة بايدن البيت الأبيض، يواجه بلينكن تحديات أكبر في رسم ملامح سوريا ما بعد الأسد. فقد غادر بلينكن واشنطن بعد أيام قليلة من فرار الأسد إلى روسيا، حيث تطرق إلى أهمية إقناع دول المنطقة والمجتمع الدولي بالالتزام بالدور الأمريكي في إدارة سوريا بعد عقود من حكم الأسد. وفي هذا السياق، أعلن بلينكن عن دعم وزراء خارجية 12 دولة من جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا وكبار المسؤولين من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، الذين عقدوا اجتماعًا طارئًا في العقبة بالأردن بشأن الأزمة السورية.
واتفق الحضور على ضرورة أن تحترم الحكومة السورية الجديدة حقوق الأقليات والنساء، وألا تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتأمين الأسلحة الكيميائية المتبقية من عهد الأسد. وأكد بلينكن أن الولايات المتحدة ستعترف بالحكومة السورية التي تلتزم بهذه المبادئ.
منع عودة "داعش"
تستمر سوريا في المعاناة من الانقسام الحزبي والطائفي الذي ساهم في ظهور تنظيم "داعش". ولتركيا، التي تشترك في حدود طويلة مع سوريا، تحفظات على الأكراد السوريين والعراقيين رغم كونهم شركاء رئيسيين للولايات المتحدة في محاربة التنظيم. وبينما ساعدت واشنطن في التوسط بين الأتراك والأكراد، أشار بلينكن إلى ضرورة الحفاظ على النجاح الذي تحقق في تدمير "داعش"، محذرًا من أن التنظيم قد يسعى لإعادة تجميع صفوفه في ظل تدهور الأوضاع في سوريا.
تهديدات عودة ترامب
أشارت الوكالة الأمريكية إلى أن هناك مخاوف متزايدة في المنطقة بشأن كيفية تعامل إدارة ترامب المقبلة مع قضايا الشرق الأوسط، خاصة مع تعهداته بزيادة العلاقات مع إسرائيل وتهديداته حول قضايا غزة وسوريا. ورغم تصريحاته السابقة، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ترامب لن يتخلى عن المواقع العسكرية الأمريكية في سوريا بعد هزيمة "داعش".
وفي وقت سابق، أبرم العراق اتفاقًا مع الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2024 يقضي بانسحاب التحالف الدولي المناهض لـ"داعش" في العام المقبل، ولكن الظروف قد تُغيّر هذا الجدول الزمني.
مفاوضات حول الرهائن
أولت إدارة بايدن اهتمامًا خاصًا لجهود إعادة الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي يُعتقد أنه محتجز في سوريا منذ أكثر من 10 سنوات. وقد ضاعفت جهودها منذ الإطاحة بالأسد للعثور على تايس وإعادته. كما قام كبير المفاوضين الأمريكيين في شؤون الرهائن، روجر كارستينز، بزيارة إلى لبنان بحثًا عن معلومات حول تايس. وأعلنت الولايات المتحدة عن نقل المواطن الأمريكي ترافيس تيمرمان، الذي اختفى في سوريا قبل سبعة أشهر، إلى الأردن بعد إطلاق سراحه.