سلسلة محاكمات تهز عرش الإخوان في تونس.. 2024 عام المحاسبة لعشرية الفساد والإرهاب
شهدت تونس في عام 2024 سلسلة من المحاكمات والملاحقات القضائية التي طالت قيادات حركة النهضة الإخوانية، وسط استمرار تداعيات فترة حكمها الطويلة التي غمرت البلاد في مستنقع من الفساد والإرهاب والفشل الاقتصادي. ومنذ استعادة السيطرة على الحكم في تونس في عام 2011 بعد عودة زعيم الحركة راشد الغنوشي من منفاه، عاشت البلاد عشر سنوات من الانقسام السياسي والتوترات الاجتماعية، وهو ما دفع إلى محاسبة الحركة على جرائمها خلال فترة حكمها.
محاكمات الغنوشي وأعضاء الحركة
بدأت سنة 2024 بمزيد من الضغوط القضائية على قيادات النهضة. في الأول من فبراير 2024، أصدر القضاء التونسي حكما بسجن زعيم الحركة راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام لمدة ثلاث سنوات، بتهم تلقي تمويلات أجنبية خلال الانتخابات البرلمانية لعام 2019. وكان الغنوشي قد تم اعتقاله في منتصف أبريل 2023 بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي إثر تهديدات بإشعال حرب أهلية، بالإضافة إلى اتهامه في قضايا تبييض الأموال وارتكاب جرائم تتعلق بشركة "أنستالينغو" للإنتاج الإعلامي.
اغتيال شكري بلعيد وملاحقة المتهمين
في خطوة هامة، استأنفت المحكمة الابتدائية في تونس في السادس من فبراير 2024 محاكمة المتهمين في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، الذي تم اغتياله في 2013. وتوجهت الاتهامات إلى قيادات من حركة النهضة بالضلوع في اغتياله، في وقت كانت فيه الحركة تتولى حكم البلاد. في 27 مارس 2024، صدرت أحكام بالإعدام ضد أربعة أشخاص بتهمة القتل، ومن بينهم قائد الجناح العسكري لتنظيم "أنصار الشريعة" المحظور، الذي وفر للقضاء معلومات هامة حول عمليات إرهابية واغتيالات كانت قيد الإعداد.
تسلسل المحاكمات والقرارات القضائية
في مايو 2024، استمر مسلسل المحاكمات ضد الحركة، حيث صدر حكم آخر ضد الغنوشي بالسجن ثلاث سنوات بتهم تمويل الأجانب للأحزاب. وفي يونيو، أصدرت محكمة الاستئناف حكماً بسجنه لمدة عام مع غرامة مالية قدرها ألف دينار (333 دولارًا) بتهمة تمجيد الإرهاب. في يوليو، صدرت مذكرة اعتقال بحق قيادات أخرى في الحركة بتهم التآمر على أمن الدولة، تلاها في سبتمبر 2024 توقيف 80 من قيادات الحركة، وفي أكتوبر 2024، حكم القضاء بسجن وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري لمدة عشر سنوات بتهمة التحريض على الفوضى والاعتداء على أمن الدولة.
تأثير المحاكمات على مستقبل الحركة
المحلل السياسي محمد الميداني اعتبر أن عام 2024 كان بمثابة "عام المحاسبة" للحركة الإخوانية في تونس، مشيراً إلى أن حركة النهضة فقدت مكانتها السياسية والشعبية بعد سلسلة من الفضائح والتهم التي طالتها. وقال الميداني إن الحركة أصبحت حزبًا منبوذًا ولم يعد لديها القدرة على استعادة قوتها، مضيفًا أن عدم تعيين رئيس جديد لها يعد إشارة إلى تراجعها وبدء تحركاتها في الخفاء خوفًا من المزيد من الملاحقات القضائية.
وفي الختام، لا تزال حركة النهضة تواجه ملفات قضائية خطيرة، مثل تسفير الشباب التونسي إلى مناطق الصراع، والضلوع في الاغتيالات السياسية، والمشاركة في مخططات تهدد أمن الدولة التونسية.