محاربة الإرهاب في تونس.. عمليات يومية ومهام استراتيجية لتعقب المتطرفيين وتحصين الحدود
أكد وزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، أن القوات العسكرية التونسية تواصل تنفيذ عمليات يومية في عدة مناطق لتعقب العناصر الإرهابية المشبوهة، مشدداً على أهمية هذه العمليات في شل تحركات تلك العناصر ومكافحة التهديدات الأمنية.
استمرار العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب
خلال مناقشة ميزانية وزارة الدفاع في البرلمان التونسي يوم الثلاثاء، أوضح السهيلي أن الجيش التونسي نفذ منذ بداية عام 2024 وحتى 31 أكتوبر 990 عملية لمكافحة الإرهاب، شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأسفرت هذه العمليات عن اكتشاف معسكرات إرهابية وتدمير 62 لغمًا يدوي الصنع، بالإضافة إلى ضبط تجهيزات ومواد متنوعة. كما تم التصدي لعمليات التهريب والهجرة غير النظامية عبر الحدود البرية والبحرية.
وأوضح السهيلي أن قوات الهندسة العسكرية التونسية تدخلت في 138 مناسبة على مستوى البلاد خلال العام الجاري، وتمكنت من رفع وتحطيم 434 قذيفة من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
الوضع الأمني: هدوء حذر واستعداد دائم
وأضاف السهيلي أن الوضع الأمني في تونس هذا العام اتسم بالهدوء الحذر، مع تأكيده على تضافر الجهود العسكرية والأمنية للتصدي للتهديدات الإرهابية. كما شدد على ضرورة الاستعداد الدائم لمجابهة الجرائم العابرة للحدود، مشيراً إلى الجهود المستمرة في تأمين النقاط الحساسة والمواقع الحيوية، مثل محطات الإرسال العسكرية والمدنية، ومواقع الإنتاج الحيوية.
وتطرّق وزير الدفاع التونسي إلى دور المؤسسة العسكرية في المجهود التنموي، بما في ذلك أعمال بناء المصحات في المناطق الصحراوية، ومد الطرقات والجسور في المناطق الوعرة والمرتفعات.
استراتيجية الوزارة حتى عام 2030
وفي إطار استعدادات وزارة الدفاع لمواجهة التحديات المستقبلية، أكد السهيلي أن الوزارة وضعت استراتيجية حتى عام 2030، تهدف إلى تعزيز القدرات القتالية للجيش التونسي، ورفع جاهزيته لمجابهة التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية. وأوضح أن الحكومة التونسية رصدت ميزانية قدرها 4.445 مليار دينار لهذا العام لدعم هذه الاستراتيجية، التي تشمل أيضًا تعزيز الدور التنموي للمؤسسة العسكرية ودعم البحث العلمي والتصنيع العسكري.
التهديدات الإرهابية في المناطق الجبلية
تظل محافظة القصرين، الواقعة في غرب تونس، من أبرز المناطق التي تواجه تحديات إرهابية، حيث شهدت العديد من العمليات الإرهابية في السنوات الماضية. من أبرز هذه الحوادث كان هجوم يوليو/تموز 2013 الذي أسفر عن ذبح 8 جنود، بالإضافة إلى مقتل 14 ضابطًا في أغسطس/آب 2014. كما شهدت المنطقة انفجار أول لغم أرضي في 29 أبريل/نيسان 2013، استهدف عسكريين أثناء تمشيطهم جبال القصرين بحثاً عن عناصر إرهابية.
هذه العناصر كانت منتمية إلى "كتيبة عقبة بن نافع" التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة "جند الخلافة" المبايعة لتنظيم داعش. ومنذ عام 2011، بعد وصول الإخوان إلى الحكم، أصبحت الجبال الغربية التونسية ملاذًا للمجموعات الإرهابية التي زرعت الألغام في جبال سمامة، جبل المغيلة، وجبل الشعانبي، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا الأبرياء.
إجراءات عسكرية مشددة في المناطق المحظورة
منذ أبريل 2014، أعلنت السلطات التونسية أن جبال "سمامة" و"الشعانبي" و"السلوم" تعد مناطق عسكرية مغلقة، ويتم تمشيطها بشكل دوري من قبل القوات العسكرية. كما كشفت وزارة الدفاع التونسية في وقت سابق أن معظم الألغام التي انفجرت في هذه المناطق هي ألغام بدائية الصنع وضعتها العناصر الإرهابية بطريقة احترافية.
التحديات المستقبلية ومواصلة الجهود الأمنية
بينما تواصل تونس مكافحة الإرهاب على جميع الأصعدة، تبقى الجبال الغربية أحد أبرز التحديات الأمنية التي تواجه القوات العسكرية والأمنية. إلا أن الجهود المستمرة على كافة الأصعدة، سواء من خلال العمليات العسكرية أو من خلال تطوير الاستراتيجية الدفاعية والتوسع في البحث العلمي والتصنيع العسكري، تساهم في تعزيز قدرة تونس على التصدي للتحديات الإرهابية وحماية الأمن الوطني.