قيس سعيد: تونس جديدة بلا فساد.. والمحاسبة هي الطريق للعدالة
أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، الثلاثاء، على أهمية دور القضاء في محاسبة من أذنبوا بحق الشعب، مشيراً إلى استمرار مسار محاسبة وجوه جماعة الإخوان ضمن خطته لتطهير البلاد. جاء هذا التأكيد خلال اجتماع له مع وزيرة العدل، ليلى جفّال، في قصر قرطاج، حيث شدد سعيد على أن "القضاء العادل هو أحد أهم ركائز الدولة، وأنه الضامن لتحقيق العدالة واستعادة حقوق الشعب التونسي كاملة دون نقصان".
وأشار سعيد إلى أن "القضاء في هذه المرحلة من تاريخ تونس يؤدي دوراً جوهرياً في محاسبة الفاسدين ومقترفي الجرائم بحق الشعب"، موضحاً أن العدالة تقتضي الإسراع في البت بالقضايا العالقة، وقال: "إن ما يُعرف بالزمن القضائي هو عنصر هام لتحقيق العدالة المنشودة، ولا يجوز أن تكون الإجراءات القضائية هدفاً بحد ذاتها لتبقى الملفات عالقة لسنوات طويلة". وشدد على أن المحاكمات العادلة يجب أن تتم في إطار زمني معقول، بما يحقق العدالة دون إبطاء أو تسويف.
تطهير الإدارة ومواصلة الإصلاح
وفي إطار استكمال عملية الإصلاح داخل أجهزة الدولة، أكد سعيد على مواصلة "تطهير الإدارة" عبر اختيار المسؤولين بناءً على معيارين أساسيين؛ الكفاءة والانخراط في مشروع بناء يلبي طموحات الشعب التونسي في تحقيق التغيير، قائلاً: "إن أي مسؤول لا يكون في مستوى المسؤولية أو يفتقر إلى النزاهة لن يتردد في تغييره ومحاسبته"، مضيفاً أن "بعض المرافق العامة لا تزال عاجزة عن مواكبة اللحظة التاريخية التي تمر بها تونس، وأن من لا يستوعب حجم التغيير المطلوب لا يمكن أن يكون جزءاً من صناعة المستقبل".
وانتقد سعيد عدم كفاءة بعض المؤسسات العامة، مؤكداً على أن البلاد بحاجة إلى مسؤولين يدركون المسؤولية الوطنية ومتطلبات الإصلاح، وقال: "هناك من المسؤولين من لم يدركوا بعد أهمية المرحلة التي تمر بها تونس، ولا يمكن لمن يعيش خارج التاريخ أن يكون فاعلاً في تشكيل مستقبل جديد للبلاد".
مواصلة مسار المحاسبة ومواجهة الفساد
وفي إشارة إلى مسار المحاسبة الذي انطلق منذ 25 يوليو 2021، اعتبر مراقبون أن الشعب التونسي يعلّق آمالاً كبيرة على الرئيس سعيد في الاستمرار بنهجه لمحاسبة المسؤولين الفاسدين، وتحديداً من قيادات جماعة الإخوان التي تواجه اتهامات متعددة تتراوح بين التآمر والتخابر مع جهات أجنبية، إلى الاغتيالات السياسية وتجنيد المتطرفين وتسفيرهم إلى مناطق النزاع.
ويشير المحللون إلى أن فوز قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية كان بمثابة تفويض شعبي لبدء عملية تطهير شاملة ضد الفساد ومنظومة الإخوان التي هيمنت على السلطة لسنوات. وتضم قضايا الفساد التي يجري التحقيق فيها منذ أكثر من عامين اتهامات بالضلوع في جرائم تمس أمن البلاد واستقرارها، تشمل غسل الأموال، واستغلال النفوذ، والفساد الإداري والمالي.
**دعوات لمواصلة المحاسبة واستئصال الفساد**
وفي إطار دعمه لمسار القضاء، شدد سعيد على ضرورة استكمال محاسبة "كل من أذنب في حق الشعب التونسي"، داعياً القضاء إلى مواصلة دوره كسلطة مستقلة تحقق العدالة وتحاسب المذنبين. وتعد هذه التصريحات تأكيداً واضحاً على تمسك الرئيس بضرورة محاسبة الجميع دون استثناء، لضمان سيادة القانون وحماية مصالح الشعب التونسي.
كما أكد سعيد أن هذه الإصلاحات هي جزء من مشروعه الأوسع لإعادة بناء الدولة وإعادة هيكلة مؤسساتها لتكون أكثر نزاهة وفعالية. ويعلق التونسيون آمالهم على مواصلة هذا المسار، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها البلاد، والتي يعتقد العديد من المحللين أنها نتاج فساد واسع استشرى في بعض مؤسسات الدولة، بدعم من بعض القيادات التي تمثل تيار الإخوان.
**تصاعد التوقعات الشعبية**
يرى المراقبون أن دعوات الرئيس سعيد لتفعيل مسار المحاسبة تعكس رغبة التونسيين في محاسبة كل من أضر بمصالحهم، متوقعين من الرئيس وفريقه الحكومي إكمال المسار بشفافية وصرامة. ويأمل التونسيون أن تسهم هذه الإصلاحات في تحسين ظروفهم المعيشية، واستعادة ثقتهم بمؤسسات الدولة، في ظل التحذيرات من عواقب استمرار الانقسامات والتدخلات التي تهدد الاستقرار الوطني.
ويجمع الشارع التونسي على أهمية أن يشمل مسار المحاسبة كل من استغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، سواء كانوا من قيادات الإخوان أو من مسؤولي الدولة السابقين، معربين عن أملهم في أن يؤدي ذلك إلى استئصال جذور الفساد ووضع البلاد على مسار الإصلاح والتنمية.