اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

مارين لوبان.. بين طموحات الرئاسة وفضيحة الفساد

مارين لوبان
مارين لوبان

كشفت تقارير حديثة أن المستقبل السياسي لمارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، قد أصبح مهددًا بشكل كبير بسبب قضية الفساد التي يتم التحقيق فيها حاليًا. خضعت لوبان لجلسة استماع تستمر لمدة ثلاثة أيام، حيث حولت القضية من مجرد فساد إلى جدل سياسي، زاعمة أنها تعاني من تحيز واضح ضدها.

تواجه لوبان و24 متهمًا آخرين اتهامات تتعلق بـ "اختلاس الأموال العامة"، حيث يُزعم أنهم أسسوا نظامًا لاستغلال الأموال المخصصة لمساعدي النواب الأوروبيين لتمويل موظفين يعملون فعليًا لحساب حزب التجمع الوطني. تتعلق الاتهامات بأن لوبان سمحت بتوظيف أشخاص لم يتم تسجيلهم بشكل قانوني كمساعدين برلمانيين، مما يشكل انتهاكًا للقوانين المتعلقة بالشفافية في التمويل.

الاتهامات ودفاع لوبان


خلال جلسات الاستماع، قدمت لوبان لمحة عن استراتيجيتها الدفاعية، حيث انتقدت الإجراءات القانونية ووصفت التحقيق بأنه "مُحمل بالتحيز". اتهمت البرلمان الأوروبي بملاحقة حزبها، مشيرة إلى أن القضية تتجاوز القضايا الجنائية إلى الصراعات السياسية. وعبرت عن قلقها من أن النيابة العامة قد تكون لديها أفكار مسبقة، مما قد يؤثر سلبًا على نتائج المحاكمة.

في تصريحاته، أشار الباحث السياسي الفرنسي أوليفييه روزنبرج إلى أن هذه المحاكمة تحمل مخاطر كبيرة بالنسبة للوبان، حيث تواجه احتمال السجن، فرض غرامة مالية كبيرة، والأهم من ذلك، عقوبة عدم الأهلية السياسية. وقد تؤدي هذه العقوبات إلى عرقلة طموحاتها في الترشح للرئاسة في عام 2027.

مشهد المحكمة
في محكمة الجنايات بباريس، غادرت لوبان المنصة بعد مواجهة استمرت عشرين دقيقة مع القضاة وممثل النيابة العامة، وكأنها تعبر عن وداع للجمهور. بعد ذلك، توجهت بسرعة إلى مقعدها في الصف الأول من مقاعد المتهمين، حيث قامت إحدى نائباتها بتقديم نسختها الخاصة من القضية، التي قد تهدد مستقبلها السياسي وتعريضها لعقوبات صارمة.

منذ البداية، تصر لوبان على أن التحقيق كان "متحيزًا" ضدها وضد حزبها، مشيرة إلى أنه مبني على سلسلة من الافتراضات المسبقة من النيابة العامة و"سوء نية" واضح. وأكدت: "إن كانت أفكار النيابة العامة مغروسة في أذهان المحكمة، فهذا أمر يزعجني"، في محاولة للتأثير على القاضية بينيديكت دو بيرتوي.

السياق التاريخي
أثناء الاستجواب، تفادت لوبان الرد على الأسئلة المباشرة المتعلقة بدور مساعدتها البرلمانية كاثرين جريسيه، التي يُعتقد أنها كانت تعمل فعليًا كرئيسة مكتبها في الحزب وليس كمسؤولة برلمانية. حاولت تبرير تصرفاتها بالإشارة إلى السياق التاريخي الذي بدأت فيه عملها عندما كان نواب الجبهة الوطنية قلة، مما استدعى "تقاسم" الأعمال بين المساعدين البرلمانيين.

وأشارت إلى أن "النائب يعمل لصالح أفكاره، وهذه الأفكار يمثلها الحزب"، مما يجعل من الطبيعي أن يعمل المساعدون لصالح الحزب. لكن، بعد ساعتين من الاستجواب، لم تنجح المحكمة في معالجة القضية الأساسية المتعلقة بعقد كاثرين جريسيه الذي استمر لخمس سنوات، حيث تُتهم بأنها كانت تعمل فعليًا كرئيسة مكتب للحزب بدلاً من كونها مساعدة برلمانية.

تداعيات القضية
تُعتبر هذه القضية حساسة للغاية، إذ يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسيرة لوبان السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 2027. إذ أن العقوبات المحتملة قد تمنعها من الترشح أو تقلل من فرصها في الفوز، مما يفتح الباب أمام تحليلات حول مستقبل اليمين المتطرف في فرنسا.

تجدر الإشارة إلى أن لوبان، ببلاغتها وقوتها في الدفاع عن نفسها، قد تترك انطباعًا قويًا في قاعة المحكمة، لكنها تواجه تحديًا حقيقيًا في إقناع القضاة ببراءتها أمام الاتهامات الجادة التي تهدد مستقبلها السياسي.