أزمة جديدة تضرب الإخوان في مصر .. انقسامات وخلافات حول التسوية السياسية
تواجه جماعة الإخوان المسلمين أزمة داخلية جديدة تضاف إلى سلسلة من الانشقاقات والخلافات التي تعصف بالتنظيم. في ظل اتهامات لبعض القيادات بالعمل لصالح السلطات المصرية، بدأ الانقسام يتصاعد حول مقترح قدمه حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي لجبهة صلاح عبد الحق (لندن)، يقضي بإجراء تسوية سياسية مع الحكومة المصرية.
تفاصيل الاقتراح
الجزار اقترح إطلاق سراح عناصر التنظيم المعتقلين مقابل اعتزال المنافسة السياسية. ورغم أن هذه المبادرة قد طُرحت سابقًا خلال فترة القائم بأعمال المرشد السابق إبراهيم منير، فإن إعادة تسليط الضوء عليها أثارت سخطًا واسعًا بين أعضاء الجماعة. حيث اعتُبرت محاولة لوأد ما تبقى من التنظيم وإضعاف موقفه.
ردود الفعل
تسعى جبهة صلاح عبد الحق، المعروفة بجبهة لندن، إلى تقديم نفسها كالجبهة التي تضم الجزء الأكبر من الجماعة، ولكن الانقسام الأخير منح جبهة محمود حسين (إسطنبول) الفرصة للطعن في مصداقيتها. وقد اتهمت جبهة محمود حسين جبهة لندن بأنها تعمل على القضاء على التنظيم لتحقيق مصالح الحكومة المصرية.
اللقاءات السرية
في حديثه لشبكة "BBC"، أشار حلمي الجزار إلى محاولاته لإعادة بناء الثقة مع القاهرة، لكنه لم يذكر تفاصيل حول اجتماعات أخرى جرت في لبنان مع باحثين وإعلاميين مصريين. وقد ألمح إلى أن الجماعة ترغب في الوصول إلى تسوية سياسية تشمل جهودًا أوسع من مجرد صفقة لإطلاق سراح الأفراد.
الانتقادات الداخلية
هناك شعور متزايد بين أعضاء الجماعة بأن القيادة الحالية غير جادة في تطوير التنظيم. مؤيدو الجزار بدأوا يفقدون الثقة فيه، مشيرين إلى أن مقترحاته تضرب جهود تطوير الجماعة التي أُطلقت مؤخرًا. إذ أن هناك اعتقادًا بأن قادة الجماعة يسعون لإشغال الأعضاء بالمهام الروتينية بدلًا من التقدم بخطط عملية.
صعود الجزار ودوره
تم تصعيد الجزار إلى منصبه الحالي بناءً على اعتقاده بأنه يمتلك علاقات يمكن أن تساعد في حل الأزمات التي تمر بها الجماعة منذ عام 2013. لكن بعض الأعضاء يرون أن هذه التصريحات قد لا تعكس الواقع، حيث يشعر الكثيرون بأن الجزار لا يمتلك القدرة على تنفيذ هذه المبادرات بشكل فعال.
هشام النجار: الإخوان تعيش أزمة قيادة وفقدان للرؤية الموحدة
أكد هشام النجار، الخبير في شؤون الإسلام السياسي، أن جماعة الإخوان المسلمين تمر بفترة من "اللايقين والإنكار"، حيث تعاني من عدم القدرة على الالتفاف حول جناح أو شخصية قادرة على تقديم رؤية موحدة تُجمع ما تبقى من التنظيم.
وفي تصريحات خاصة لـ«اتحاد العالم الإسلامي»، أشار النجار إلى أن "المعضلة الأساسية للجماعة تكمن في غياب شخصية قيادية قوية تستطيع توحيد صفوفها، سواء من خلال التصعيد والعنف، أو من خلال مراجعات شاملة، أو حتى المناورة السياسية". وأضاف أن هناك حاجة ملحة لإعادة ترتيب الأوراق وإعادة بناء قيادة جديدة تحظى بقبول الأعضاء في الداخل والخارج.
وأوضح النجار أن الوضع المتشظي يعزز عزلة الجماعة، مما يجعل أي طرح، سواء من حلمي الجزار أو غيره، بلا قيمة أو تأثير. وأشار إلى أن "الوضع الإقليمي الحالي يزيد من تعقيد الأمور، حيث تُرفض أي عروض تصالحية، وتستمر الجماعة في الانغماس في مشاريع إقليمية قد تكون مدمرة، مما يعكس حالة من التهور والمغامرة".
وأضاف النجار أن بقاء الإخوان يرتبط بشكل وثيق بأيديولوجيتها، مشيرًا إلى أن استمرار وجود عقيدة عابرة للحدود يضمن أن تبقى الجماعة في حالة طائفية ومليشياوية توسعية، حيث تظل مصالح المحاور الإقليمية الأيديولوجية مقدمَة على مصالح الوطن.
واختتم بالقول إن الجماعة تفتقر إلى القدرة على تطوير منهج جديد أو صياغة برنامج وطني يجمع الأعضاء، مما يجعل أي محاولة من قبل الجزار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قاصرة وغير فعالة، إذ لا تحظى بالإجماع وتُعتبر مجرد مناورة سياسية تهدف إلى التقاط الأنفاس.