الولاية الثانية لرئيس تونس.. الانتخابات تظهر الانقسامات السياسية والاجتماعية
فاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد (66 عامًا) في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 6 أكتوبر 2024، محققًا فوزًا ساحقًا بنسبة 90.69% من أصوات المقترعين. هذا الفوز، الذي جاء دون الحاجة لجولة ثانية، أثار جدلًا واسعًا في البلاد، خاصة في ظل نسبة مشاركة بلغت 28.8% فقط، وهي الأدنى منذ ثورة 2011.
في مؤتمر صحفي، أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر أن سعيد حصل على مليونين و389 ألفًا و954 صوتًا من أصل مليونين و808 آلاف و545 صوتًا. بينما حصل المرشح المعارض العياشي زمال على 7.35%، وزهير المغزاوي، المؤيد لسعيد، على 1.97%.
أزمة سياسية في تونس
تشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ أن بدأ سعيد في 25 يوليو 2021 تنفيذ إجراءات استثنائية شملت حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية. وتعتبر قوى سياسية عديدة هذه الإجراءات بمثابة "انقلاب" على دستور 2014، بينما تدافع قوى أخرى عن سعيد باعتبارها تصحيحًا لمسار ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
نوفل، شقيق الرئيس ومدير حملته الانتخابية، قال إن النتائج كانت متوقعة وتعكس ثقة التونسيين في سعيد. وفي حديثه للإعلام، أكد أن زيادة الثقة بين الحاكم والمحكوم ضرورية للاستقرار السياسي.
من جهته، اعتبر أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني وأكبر ائتلاف للمعارضة، أن النتائج تعكس إعراض الغالبية العظمى من الشعب عن المشاركة في الانتخابات، مشيرًا إلى أن ما حدث هو "مبايعة شبه مطلقة" من الأقلية المشاركة.
كما أشار الشابي إلى أن مشاركة الأقلية جاءت نتيجة "انعدام أدنى شروط المنافسة النزيهة"، موضحًا أن السلطة جرفت كافة الحقوق والحريات، مما أدى إلى سجن بعض القيادات السياسية والإعلامية.
ووفقًا للشابي، تتطلب التغييرات الحقيقية انخراط المواطنين في المطالبة بالتغيير وتأسيس قطب سياسي موحد. ورغم النتائج، اعتبر أن الانتخابات كانت "مسرحية" ولم تكن فرصة للتغيير.
أما محمود بن مبروك، أمين عام "حزب مسار 25 يوليو" المؤيد لسعيد، فرأى أن النتائج تعكس إجماعًا شعبيًا على الرئيس. ولفت إلى أن العهدة الجديدة ستكون "اقتصادية واجتماعية بالأساس"، حيث سيتعين على الرئيس مواجهة الأزمات المفتعلة.
وعن الاتهامات بالتضييق على المعارضة، اعتبر بن مبروك أن الأخيرة لم تختار أن تكون معارضة بناءة، بل اكتفت بمعارضة من أجل المعارضة، موجهًا انتقادات لعدم مشاركة أكثر من 70% من الناخبين في الاقتراع.
في الختام، يظهر المشهد السياسي في تونس انقسامًا حادًا، حيث يستعد سعيد لمواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية، وسط دعوات من المعارضة للمشاركة في تحسين الأوضاع.