اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

تونس على أعتاب عهد جديد.. سباق رئاسي تحت مظلة صلاحيات موسعة

انتخابات تونس
انتخابات تونس

يتوجه اليوم أكثر من 9 ملايين ناخب تونسي إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، في ثالث انتخابات رئاسية مباشرة منذ الثورة التونسية عام 2011. يتنافس في هذه الانتخابات ثلاثة مرشحين بارزين، وهم زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب، والمرشح المستقل العياشي زمال، الذي يواجه اتهامات بالتزوير ويقبع في السجن حالياً، إضافة إلى الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد، الذي يعتبر الأكثر حظاً للفوز وفق المراقبين.

تأتي هذه الانتخابات في ظل نظام رئاسي جديد تم إقراره عبر دستور 2022 الذي ألغى دستور 2014، الذي صاغه الإسلاميون وأعطى البرلمان صلاحيات أكبر. ووفقاً للدستور الجديد، تعززت صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل كبير مقارنة بدستور 2014، مما يضع الانتخابات الحالية في إطار مختلف يجعل من نتائجها حاسمة لمستقبل البلاد السياسي.

أهمية الانتخابات والظروف المحيطة بها

وصف المحلل السياسي التونسي عبد الرزاق الرايس هذه الانتخابات بأنها الأهم على الإطلاق بالنسبة للتونسيين، متوقعاً إقبالاً كثيفاً على صناديق الاقتراع، عكس الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 2022 والتي شهدت نسبة إقبال منخفضة نتيجة تغيير نظام الاقتراع من قائمات حزبية إلى تصويت على الأفراد، وهو نظام لم يكن مفهوماً بالنسبة لكثير من الناخبين.

وأضاف الرايس أن النظام السياسي الجديد، الذي أقره دستور 2022، يعيد إلى رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة كانت قد تضاءلت في ظل حكم حركة النهضة الإسلامية وحلفائها الذين عملوا على إضعاف دور الرئيس وتقوية البرلمان بما يخدم مصالحهم، ما أدى إلى حالة من الاضطراب السياسي والشلل في اتخاذ القرارات خلال السنوات العشر الماضية.

وأشار إلى أن هذه الانتخابات تمثل الخطوة النهائية في بناء الجمهورية الجديدة، التي بدأت ملامحها تتشكل بعد إطاحة الرئيس قيس سعيد بحكم الإخوان في 25 يوليو 2021. وأضاف أن هذه الجمهورية تعتمد على نظام رئاسي موسع يتيح للرئيس لعب دور أكبر في اتخاذ القرارات وإدارة شؤون البلاد، مما يعزز من أهمية الانتخابات الرئاسية الحالية.

صلاحيات رئيس الجمهورية وفق دستور 2022

دستور 2022 الذي تم إقراره بعد إلغاء دستور 2014 يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة تشمل العديد من المجالات السياسية والتنفيذية. فوفقاً للمادة 87 من الدستور، يتولى الرئيس رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس الحكومة، ويحدد السياسة العامة للدولة حسب المادة 100، حيث يضع الخيارات الأساسية للدولة ويبلغها إلى مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

تمنح المادة 101 من الدستور الرئيس حق تعيين رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة بناءً على اقتراح من رئيسها، كما يمنحه الدستور سلطة إنهاء مهام الحكومة أو أي عضو منها تلقائياً أو بناءً على اقتراح من رئيس الحكومة حسب المادة 102. ويؤكد الدستور كذلك على دور الرئيس كضامن لاستقلال البلاد ووحدة أراضيها واحترام الدستور، بالإضافة إلى رئاسته لمجلس الأمن القومي وفقاً للمادة 91.

وتمنح المادة 94 الرئيس صلاحية قيادة القوات المسلحة، وتعيين ممثلي تونس في الخارج واستقبال ممثلي الدول الأجنبية. كما يمكنه إعلان الحرب أو إبرام السلام بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب حسب المادة 98، ويتمتع أيضاً بحق العفو الخاص وفقاً للمادة 99.

وبموجب المادة 103، يختص الرئيس بختم القوانين ونشرها، وله دور في تنفيذ القوانين وممارسة السلطة التنفيذية العامة، مع إمكانية تفويض هذه السلطة لرئيس الحكومة. كما تمنح المادة 96 الرئيس صلاحية اتخاذ تدابير استثنائية في حالة وجود خطر داهم يهدد البلاد، وذلك بالتشاور مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب.

الانتخابات الرئاسية في أرقام

يبلغ عدد الناخبين المسجلين في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 9 ملايين و753 ألفاً و217 ناخباً، وستجري العملية الانتخابية في 5013 مركز اقتراع و9669 مكتب اقتراع في أنحاء تونس. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية في موعد أقصاه 9 أكتوبر الجاري، على أن تعلن النتائج النهائية بعد انتهاء فترة الطعون في موعد لا يتجاوز 9 نوفمبر المقبل.

الجمهورية الجديدة وتحديات المستقبل

ترى العديد من الأطراف أن الانتخابات الحالية تشكل نقطة تحول في تاريخ تونس السياسي. فمع التحول إلى نظام رئاسي جديد، سيكون للرئيس المقبل صلاحيات أوسع وأكثر تأثيراً في تشكيل سياسات البلاد وتوجيهها نحو الاستقرار أو الاستمرار في حالة التجاذبات السياسية التي عرفتها تونس في السنوات الماضية.

الانتخابات الرئاسية التونسية ليست مجرد حدث سياسي عابر، بل هي محطة مفصلية في بناء الجمهورية الجديدة التي بدأ تشكيلها منذ إطاحة نظام الإخوان.