انتخابات تحت المجهر.. تصعيد البرلمان التونسي في صراع بين السلطة والقضاء
تقدم 34 نائبا في البرلمان التونسي بمشروع قانون يهدف إلى نقل صلاحيات الفصل في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية إلى محاكم الاستئناف العادية، وذلك قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من الشهر المقبل. هذه الخطوة أثارت قلقاً واسعاً وانتقادات من منظمات حقوقية، حيث اعتبرت المعارضة أن هذا المشروع يعد محاولة جديدة لتشويه مصداقية الانتخابات.
وفقاً لمشروع القانون، سيتمكن المواطنون من الطعن في قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات أمام محاكم الاستئناف، بدلاً من المحكمة الإدارية التي تعتبر الجهة المعنية بمثل هذه القضايا في الانتخابات السابقة. تأتي هذه المبادرة في ظل توتر متزايد بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية، حيث أقدمت الهيئة على استبعاد ثلاثة مرشحين من السباق الرئاسي، رغم صدور حكم من المحكمة الإدارية بسلامة ترشحاتهم.
على الرغم من ذلك، استمر الرئيس الحالي قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوي في السباق. وفي سياق متصل، قضت المحكمة بسجن المرشح زمال لمدة 20 شهراً، مما زاد من مخاوف المعارضة بشأن نزاهة الانتخابات واستمرار سيطرة سعيد على السلطة.
يُعتبر القضاء الإداري أحد آخر الأذرع المستقلة في النظام القضائي التونسي، خاصة بعد التغييرات التي قام بها سعيد في المجلس الأعلى للقضاء وعزل العديد من القضاة في عام 2022. في هذا الإطار، أبدت الشبكة التونسية للحقوق والحريات، التي تضم مجموعة من المنظمات الحقوقية، قلقها الشديد من أن مشروع القانون يشكل تهديداً مباشراً لدور القضاء في حماية نزاهة العملية الانتخابية.
وأشارت الشبكة إلى أن "الشعب التونسي لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات تحييد وإضعاف المؤسسات التي تضمن حماية حقوقه وحرياته"، معلنة عن حالة "طوارئ شعبية" وخطط لمواجهة المشروع الجديد.
ويمنح مشروع القانون المحاكم العادية ولاية قضائية حصرية على النزاعات الانتخابية، مما يعد تغييراً جذرياً في كيفية معالجة هذه القضايا، ويبدأ تطبيقه من الانتخابات الرئاسية الحالية. ويعتقد المعارضون والنشطاء أن هذه المبادرة هي جزء من جهود أوسع لتقويض أي مؤسسة قد تصدر أحكاماً تتعارض مع مصالح الرئيس سعيد.
تجدر الإشارة إلى أن البرلمان الحالي تم انتخابه في عام 2022 بعد أن أقدم سعيد على إقالة البرلمان السابق، الذي تم انتخابه في 2019، بحجة مكافحة الفساد والفوضى. وعلى الرغم من انتخاب سعيد ديمقراطياً في 2019، إلا أنه تمكن من تعزيز قبضته على السلطة بدءاً من 2021 عبر الحكم بمرسوم وإصدار دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئاسة، وهو ما اعتبرته المعارضة انقلاباً.