مصر تحذر من التصعيد.. عبد العاطي يؤكد لنظيره الإيراني ضرورة حماية الملاحة واستعادة الهدوء في البحر الأحمر

في سياق التوترات المتصاعدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، يوم الأربعاء، عبّر خلاله عن موقف مصر الحازم تجاه التطورات الجارية، خصوصًا ما يتعلق بحرية الملاحة في البحر الأحمر، التي أصبحت في قلب المشهد الإقليمي المتأزم.
عبد العاطي شدد على أهمية حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، باعتبارها مسألة تمس الأمن القومي الإقليمي والدولي، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار التجارة العالمية. ويأتي هذا الموقف في وقت تتزايد فيه التهديدات التي تطال هذا الممر البحري الحيوي نتيجة التصعيد بين القوى الإقليمية والميليشيات المسلحة في المنطقة، خاصة في ظل تنامي التوترات المرتبطة بالصراع في اليمن وتأثيره على أمن الممرات البحرية.
دعوة إلى التهدئة وتفادي التصعيد
من خلال البيان الصادر عن الخارجية المصرية، أوضح السفير تميم خلاف، المتحدث باسم الوزارة، أن الوزير عبد العاطي دعا إلى ضبط النفس وتفادي أي خطوات تصعيدية من شأنها أن تؤدي إلى تفجير الوضع الإقليمي. تأتي هذه الدعوة المصرية في وقت بالغ الحساسية، حيث تتزايد احتمالات انزلاق المنطقة إلى دائرة عنف أوسع، إذا لم يتم احتواء المواقف من قبل الفاعلين الإقليميين والدوليين.
أبعاد إقليمية للاتصال
الاتصال الهاتفي لم يقتصر على ملف البحر الأحمر، بل تطرق أيضًا إلى المستجدات الأوسع في منطقة الشرق الأوسط، في إشارة إلى أن مصر تتابع المشهد الإقليمي بكامل تفاصيله، وتسعى للحفاظ على التوازنات الدقيقة في علاقاتها مع مختلف الأطراف، بما في ذلك إيران، رغم التباينات السياسية والجيواستراتيجية.
في جانب آخر، ناقش الوزيران الوضع في قطاع غزة، حيث استعرض الوزير المصري الجهود التي تبذلها القاهرة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، والعمل على الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتبرز هذه النقطة دور مصر المركزي في التهدئة الفلسطينية – الإسرائيلية، خاصة في ظل جهودها المستمرة للتوسط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، والعمل على احتواء التصعيد الإنساني والعسكري المتكرر في القطاع.
موقف استباقي يحمي المصالح الإقليمية
تأتي المبادرة المصرية بإجراء هذا الاتصال ضمن نهج دبلوماسي استباقي، تسعى من خلاله القاهرة إلى احتواء التوترات قبل تفجرها، وتحقيق توازن بين الحزم السياسي والانخراط الدبلوماسي. فمصر، التي تربطها علاقات مع مختلف الأطراف المؤثرة في ملفات البحر الأحمر، واليمن، وفلسطين، تدرك أن تفاقم التوتر في أي من هذه الساحات سينعكس سلبًا على أمنها القومي ومكانتها الإقليمية.
كما يعكس هذا التحرك رغبة مصر في منع تحويل البحر الأحمر إلى مسرح صراع بين قوى خارجية وميليشيات محلية، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف توظيفه كورقة ضغط ضمن صراعات أوسع، سواء على مستوى الملف النووي الإيراني أو الحرب في اليمن.
مصر تدق ناقوس الخطر وتدعو لضبط البوصلة
الاتصال بين عبد العاطي وعراقجي لم يكن مجرد تواصل بروتوكولي، بل جاء كرسالة واضحة مفادها أن التهدئة ضرورة وليست خيارًا، وأن الحفاظ على أمن الملاحة واستقرار الإقليم مسؤولية جماعية. كما يعكس تمسك القاهرة بدورها كقوة إقليمية مسؤولة، تسعى لتقريب وجهات النظر ونزع فتيل الأزمات قبل أن تستفحل.