عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. هل يتوقع القادة الأفارقة تحولات في العلاقات الاقتصادية؟
تعود الأنظار إلى القارة الأفريقية مع اقتراب عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية. ورغم أن ترامب لم يكن شديد التفاعل مع الدول الأفريقية خلال ولايته الأولى، إلا أن بعض القادة الأفارقة يعربون عن تفاؤلهم بإعادة انتخابه، مشيرين إلى أن سياساته قد تساهم في تعزيز الاستثمارات وتوسيع فرص التعاون التجاري، بينما يتوقعون تقليص التركيز على قضايا مثل حقوق الإنسان والديمقراطية.
وحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن العديد من المسؤولين الأفارقة يرون في الإدارة المقبلة فرصة لتوسيع نطاق التجارة مع الولايات المتحدة، مع أمل في أن يتم تخفيف القيود على القطاعات الحيوية مثل صناعة النفط والغاز، وهو ما قد يوفر المزيد من الفرص لمنتجي الموارد الطبيعية في القارة السمراء. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع البعض أن تتبنى إدارة ترامب نهجاً عملياً يركز على الصفقات التجارية أكثر من المساعدات، وهو ما يتناسب مع توجهات بعض الدول الأفريقية التي ترغب في زيادة استفادتها من ثرواتها الطبيعية عبر شراكات تجارية رابحة.
وفي ولايته الأولى، قدم ترامب عدة تهديدات بخفض الميزانيات المخصصة للمساعدات الإفريقية، وهو ما فسره البعض بتراجع النفوذ الأمريكي في القارة مقارنة بالقوى الأخرى مثل الصين، التي تعتبر الآن الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا. لكن بعض القادة والمحللين يرون أن إدارة ترامب قد تروج لمقاربة جديدة تقوم على تعزيز العلاقات التجارية، مع الإبقاء على القضايا الإنسانية بعيداً عن أولويات السياسة الأمريكية في أفريقيا.
من جهة أخرى، يعتقد الخبراء أن إحياء قوانين مثل "قانون النمو والفرص في أفريقيا" سيكون أحد أولويات الإدارة المقبلة. هذا القانون يسمح لأكثر من 30 دولة أفريقية بتصدير بعض المنتجات إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية، وهو ما ساهم في توفير العديد من الفرص الاقتصادية عبر خلق مئات الآلاف من الوظائف. ومع اقتراب نهاية صلاحية القانون في العام المقبل، يسعى الاتحاد الأفريقي إلى تجديده لفترة طويلة، وهو ما سيتطلب دعماً من الإدارة الأمريكية المقبلة.
لكن تظل التحديات قائمة في مجال المنافسة التجارية، حيث يرى بعض المحللين أن الشركات الأمريكية تجد صعوبة في المنافسة مع الصين في أفريقيا بسبب البيروقراطية والمخاطر المرتبطة بالسمعة، خاصة فيما يتعلق بتورط بعض سلاسل التوريد في العمل القسري. في الوقت نفسه، يسعى القادة الأفارقة إلى الحفاظ على توازن في علاقاتهم مع القوى الكبرى مثل الصين وأمريكا.
علاوة على ذلك، قد يواصل ترامب تبني سياسات من شأنها تقليل الضغط الأمريكي على الحكومات الأفريقية بشأن قضايا مثل حقوق الإنسان والديمقراطية. وفي هذا السياق، أشار تيبور ناجي، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، إلى ضرورة تخلي واشنطن عن ما أسماه بـ"مكبر الصوت الغبي"، وأن تتوقف عن إلقاء المحاضرات في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية.
وفي سياق متصل، كانت بعض دول أفريقيا قد شهدت تغييرات سياسية كبيرة في السنوات الأخيرة، مثل الانقلابات العسكرية في مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر، ما دفع هذه الدول إلى تقوية علاقاتها مع روسيا، في ظل تراجع الدعم الغربي. وفي هذا الإطار، يتوقع البعض أن يركز ترامب على تعزيز العلاقات مع بعض الحكومات العسكرية في منطقة الساحل الأفريقي، مستفيدا من الفراغ الذي خلفته التحولات السياسية الأخيرة.
في الختام، رغم أن ترامب لم يقدم بعد رؤيته الواضحة للقارة الأفريقية، إلا أن عودة الولايات المتحدة إلى التركيز على التجارة مع أفريقيا، بدلاً من المساعدات، قد يمثل تحولا مهما في العلاقات بين الطرفين. ويبقى أن نرى كيف ستتفاعل القارة السمراء مع السياسات التي قد تتبناها إدارة ترامب، والتي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل التعاون الاقتصادي بين أمريكا وأفريقيا.