اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

أوكرانيا تلوح بالخيار النووي.. سلاح مرتجل أم استراتيجية لإحلال السلام؟

أوكرانيا
أوكرانيا

ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أن شبح الحرب النووية عاد ليطل برأسه من جديد، لكن هذه المرة من العاصمة الأوكرانية كييف، وليس من موسكو. وأشارت الصحيفة إلى تقرير صادر عن مؤسسة بحثية أوكرانية يقترح على الرئيس فولوديمير زيلينسكي الاستفادة من قضبان الوقود النووي المستخدمة في مفاعلات الطاقة لتطوير أسلحة نووية، سواء كانت قنبلة نووية تقليدية مثل تلك التي ألقيت على مدينة ناكازاكي خلال الحرب العالمية الثانية، أو قنبلة قذرة تعتمد على نشر المواد المشعة بطريقة مدمرة وغير تقليدية.

وأوضحت الصحيفة أن الهدف من هذه الخطوة المفترضة هو إرسال رسالة ردع واضحة لروسيا، وإجبارها على وقف الحرب التي تستنزف البلاد منذ عام 2022. كما يهدف الاقتراح إلى تحصين أوكرانيا ضد تغيرات محتملة في الموقف الأمريكي، خصوصاً إذا عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتوقف الدعم المالي والعسكري الغربي لكييف. وكانت تصريحات زيلينسكي قبل اندلاع الحرب قد حذرت من احتمال أن تلجأ بلاده إلى الخيار النووي في حال خذلها الغرب، حيث قال في مؤتمر ميونيخ للأمن إن أوكرانيا قد تُجبر على إعادة النظر في وضعها النووي إذا فشلت القوى الغربية في منع وقوع الحرب.

أوكرانيا في مواجهة القوة النووية الروسية

وترى الصحيفة أن أوكرانيا وجدت نفسها في موقف استراتيجي معقد أمام روسيا التي تمتلك واحدة من أكبر الترسانات النووية في العالم. فمنذ بداية الحرب، استخدم الكرملين القوة النووية كرادع يمنع القوى الغربية من التدخل المباشر في الصراع، وهو ما جعل أوكرانيا بلا أدوات ردع حقيقية لمواجهة التصعيد الروسي. وأشارت الصحيفة إلى أن أي محاولة أوكرانية لتطوير سلاح نووي بشكل مرتجل في ظل الظروف الراهنة قد تكون لها عواقب وخيمة. فالقدرات العسكرية لهذه الأسلحة ستكون محدودة، وأي استخدام محتمل لها ضد المدنيين في موسكو أو مناطق أخرى قد يؤدي إلى تصعيد كارثي من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن استعداء حلفاء كييف الدوليين.

بين الضغط السياسي والواقع العسكري

في المقابل، ترى إندبندنت أن مجرد طرح قضية تطوير الأسلحة النووية قد يكون جزءاً من استراتيجية سياسية أكثر منه تهديداً فعلياً. فالحديث عن هذا الخيار قد يدفع القوى الغربية، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، إلى تكثيف ضغوطها على روسيا لإيجاد حل سياسي للصراع، خاصة أن استمرار الحرب يضعف أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، ويهدد بانهيارها أمام التقدم الروسي.

وأشارت الصحيفة إلى أن إثارة هذه القضية النووية قد تكون أيضاً محاولة من كييف لتذكير العالم بخطورة استمرار الحرب، في ظل تحذيرات متزايدة من تدهور الوضع العسكري على جبهات القتال في المناطق الشرقية. كما أنها قد تعكس حالة اليأس التي تعيشها أوكرانيا بسبب التباطؤ الغربي في تقديم الدعم العسكري الكافي لمواجهة روسيا، خصوصاً مع انشغال أوروبا وأمريكا بأزمات أخرى.

تحذيرات استخباراتية وتداعيات كارثية

وتطرقت إندبندنت إلى تحذيرات الاستخبارات الألمانية التي توقعت احتمال انهيار أوكرانيا خلال الأشهر الستة المقبلة، إذا استمرت الأوضاع الحالية على ما هي عليه. ووفقاً لهذه التوقعات، فإن الانهيار قد يؤدي إلى موجة هائلة من اللاجئين نحو أوروبا، مما سيشكل تحدياً كبيراً للحكومات الأوروبية، ويُعتبر في حد ذاته ضربة استراتيجية كبيرة لحلفاء كييف.

ورغم ذلك، ترى الصحيفة أن أي خطوة أوكرانية تجاه تطوير سلاح نووي، حتى لو كانت خطوة تكتيكية، قد تزيد من تعقيد الوضع الدولي، خاصة إذا أثارت قلق الدول الغربية أو أضعفت الدعم الذي تعتمد عليه كييف في مواجهة العدوان الروسي.

التداعيات تمتد غرباً

وفي ختام التقرير، أكدت الصحيفة أن تداعيات الحرب الأوكرانية لم تعد محصورة في نطاقها الإقليمي. سواء قررت أوكرانيا المضي في الخيار النووي أو اكتفت باستخدام هذا التهديد كورقة ضغط سياسية، فإن تأثير الصراع بات يتجه نحو الغرب، مع تزايد الضغط على أوروبا وأمريكا لإيجاد حل سياسي عاجل يمنع خروج الأمور عن السيطرة.