إفريقيا تتحرر من النفوذ الفرنسي.. شراكات جديدة وسيادة معززة
تتزايد المطالبات في العديد من الدول الأفريقية بضرورة تقليص النفوذ الفرنسي على أراضيها، حيث تُظهر العديد من هذه الدول تبرمًا متزايدًا من الوجود الفرنسي وتسعى لتنويع شراكاتها الدولية دون الانقطاع الكامل مع باريس. وفي خطوة وصفت بأنها تاريخية، أعلنت تشاد عن إلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا، وذلك بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى العاصمة التشادية نجامينا.
تشاد تُؤكد سيادتها وتعيد رسم شراكاتها
وقال وزير الخارجية التشادي عبد الرحمان كلام الله في بيان رسمي إن هذا القرار يمثل نقطة تحوّل تاريخية بعد 66 عامًا من إعلان استقلال تشاد. وأوضح أن بلاده تهدف إلى التأكيد على سيادتها الكاملة وإعادة تحديد شراكاتها الاستراتيجية وفقًا لأولوياتها الوطنية. وأضاف كلام الله أنه بعد هذه الفترة الطويلة من التعاون مع فرنسا، حان الوقت لتغيير العلاقة، حيث دعا فرنسا للاعتراف بأن تشاد قد نضجت الآن وأصبحت دولة ذات سيادة تضع مصلحة شعبها أولًا.
السنغال ترفض الوجود العسكري الفرنسي
على ذات النهج، أكد الرئيس السنغالي باسيرو ديومايي فاي رفض بلاده للوجود العسكري الفرنسي على أراضيها، مشددًا على أن هذا الوجود يتعارض مع سيادتها الوطنية. وأوضح أن السنغال دولة مستقلة وذات سيادة، وأن السيادة لا تتوافق مع وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها. ومع تأكيده على العلاقات القوية التي تربط السنغال بفرنسا، شدد على أن بلاده تفضل شراكات متعددة دون أن تكون قواعد عسكرية فرنسية جزءًا منها.
تنامي مشاعر الرفض في دول الساحل
هذه المواقف تعكس تحولات عميقة في مواقف العديد من الدول الأفريقية التي تسعى لتقليص النفوذ الفرنسي والتركيز على بناء علاقات متعددة، وعدم الاقتصار على الحليف التقليدي. فقد أقدمت دول تحالف الساحل الثلاث (مالي، النيجر، وبوركينا فاسو) على اتخاذ خطوات مماثلة ضد الوجود العسكري الفرنسي على أراضيها، بعد انقلابات عسكرية شهدتها هذه الدول في السنوات الأخيرة. هذه الخطوات جاءت في وقت يعم فيه القلق الفرنسي بشأن نفوذ روسيا المتزايد في المنطقة، مع تزايد التعاون بين دول الساحل الثلاث وروسيا، وهو ما يراه البعض تهديدًا للنفوذ الفرنسي التقليدي في القارة.
نحو تعزيز شراكات متعددة
تعكس هذه الاتجاهات الجديدة في السياسات الأفريقية رغبة متزايدة في تنويع الشراكات الدولية بعيدًا عن الاعتماد على القوة الاستعمارية السابقة. ومع تنامي النفوذ الروسي والصيني في القارة، تسعى هذه الدول إلى إعادة رسم علاقاتها مع القوى العالمية بما يتماشى مع مصالحها الوطنية وأولوياتها التنموية، في وقت تتزايد فيه مشاعر الرفض للوجود العسكري الفرنسي.