السنغال.. بين رفض الهيمنة الفرنسية وتحولات السيادة في غرب أفريقيا
أكدت صحيفة فرنسية أن خطاب "العداء تجاه فرنسا" بدأ يتزايد في بعض دول غرب أفريقيا، إلا أن ذلك لم يثر القلق في باريس حتى الآن. في المقابل، يعتبر نموذج حكم المجالس العسكرية في الساحل الصحراوي مثار رفض في أجزاء من المنطقة، لكن أفكار هذه المجالس تنتشر بشكل متزايد في دول أخرى.
في تقرير لها بعنوان "في السنغال.. لقد سئمنا من محاولة الغرب تمديننا!"، نقلت صحيفة "لاكروا" الفرنسية عن عمر عليون كين، المسؤول عن الاتصالات داخل الحزب الحاكم في السنغال، تصريحه بأن "السنغال لم تعد حكراً على الفرنسيين"، مؤكدًا رفضه للعلاقات غير المتكافئة مع باريس. وقال كين إن "فرنسا لا تزال تحتفظ بعلاقة أبوية مع دكار"، مشددًا على ضرورة إقامة علاقات على أساس المساواة والاحترام المتبادل.
انتقادات واسعة للسياسة الفرنسية في أفريقيا
تتوافق هذه المواقف مع ما أظهره استطلاع للرأي، حيث أجرى أكثر من 500 ناشط ومدافع عن حقوق الإنسان مقابلات في ستة بلدان أفريقية ناطقة بالفرنسية، وأظهرت النتائج رفضًا واسعًا لسياسة الدولة الفرنسية في المنطقة. من بين الانتقادات التي تم توجيهها لفرنسا، وردت قضايا "افتقارها إلى الموثوقية" في المجال الأمني، و"نهب الشركات الأجنبية للموارد"، و"التواطؤ مع النخب الفاسدة". كما أشار التقرير إلى "المعايير المزدوجة" التي تتبعها فرنسا بشأن الانقلابات في المنطقة.
الانتقادات الثقافية والسياسية
أضاف التقرير أن هناك انتقادًا آخر للغرب في الخطاب السنغالي، يرتبط بـ"رغبة باريس في فرض أجندة ثقافية"، وخاصة من خلال مساعدات التنمية، حيث يُضغط على دول المنطقة لقبول حقوق المثليين كجزء من هذه المساعدات. وقد وصف رئيس وزراء السنغال، عثمان سونكو، هذا الضغط في مايو الماضي بأنه "سبب محتمل للحرب"، مؤكدًا أنه لا يمكن فرض القيم، وأن جميع المشاريع في السنغال يجب أن تكون من تنفيذ السنغاليين مع تمويل من شركاء دوليين.
ورغم الانتقادات الواسعة، اعترف مصدر فرنسي أن الشركاء المحليين في السنغال قد يكون لديهم "قيم مختلفة" عن باقي المواطنين. وأضاف المصدر نفسه أن "فرنسا لم تتردد في التعاون مع السلطات السنغالية الجديدة".
أحداث العنف ضد الشركات الفرنسية
تطرق التقرير إلى الأحداث التي شهدتها السنغال من أعمال عنف ضد الشركات الفرنسية، خصوصًا بعد محاولة الرئيس السابق ماكي سال التمديد لفترة ولايته الثالثة. ففي الفترة بين مارس 2021 ويونيو 2023، تعرضت 39 من متاجر "سوبر ماركت" فرنسية للنهب والتدمير. ويشير بعض المؤيدين للرئيس السابق إلى أن هذه الهجمات تم استغلالها إعلاميًا.
الحالة الأمنية في السنغال
على الرغم من هذه التوترات، يظل الفرنسيون في السنغال يشعرون بالأمان مقارنة بدول أخرى في المنطقة مثل الساحل الصحراوي، حيث تزايدت سياسة "السيادة" العنيفة في ظل المجالس العسكرية الحاكمة. ورغم انتشار هذا الخطاب في دول أخرى، إلا أنه أثار حماسة كبيرة في داكار في البداية.
تواصل العلاقات بين فرنسا ودول غرب أفريقيا تطورًا معقدًا وسط هذا التصاعد في الخطاب المعارض والمطالب بالاستقلالية والاحترام المتبادل في العلاقات.