إلغاء شرطة الآداب في إيران.. خطوة إصلاحية أم مناورة سياسية؟

في خطوة تعكس تحولات في تعاطي السلطات الإيرانية مع قضية الحجاب، أعلن رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إلغاء دوريات "شرطة الآداب" بالكامل، وذلك ضمن تعديلات أُدخلت على "قانون العفاف والحجاب". يأتي هذا القرار في إطار مساعٍ حكومية لإعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع فيما يخص القوانين الاجتماعية المثيرة للجدل، خاصة بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية في السنوات الأخيرة.
تحولات قانونية
وفقًا لما نشرته وسائل إعلام إيرانية، فإن التعديلات الجديدة لا تعني التخلي عن فرض الحجاب، لكنها تستهدف تغيير آليات تطبيق القانون بشكل يتماشى مع "تحقيق توافق عام".
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التعديلات تخفف الضغوط على النساء أو تستبدل الإجراءات القسرية بأساليب أخرى غير مباشرة، مثل العقوبات المالية أو الحرمان من الخدمات العامة، كما طُرح سابقًا في مناقشات البرلمان الإيراني.
قرار تحت ضغط الاحتجاجات والانقسامات الداخلية
لم يكن هذا القرار معزولًا عن السياق السياسي والاجتماعي في إيران، حيث جاءت هذه التعديلات بعد موجة من الاحتجاجات العارمة التي اندلعت عقب وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الآداب في سبتمبر 2022، ما أشعل اضطرابات واسعة النطاق داخل البلاد، وأثار انتقادات دولية حادة ضد سياسات إيران تجاه الحريات الشخصية. وقد شكلت هذه الاحتجاجات تحديًا غير مسبوق للنظام، حيث تفاعل معها جزء من النخبة السياسية، مطالبًا بإعادة النظر في السياسات الاجتماعية المتشددة.
خطوة رمزية
بينما يُنظر إلى إلغاء شرطة الآداب على أنه خطوة رمزية مهمة، يظل التساؤل مطروحًا حول ما إذا كانت السلطات تسعى إلى تقديم تنازل حقيقي، أم أنها مجرد إعادة تموضع سياسي لاحتواء التوترات الداخلية والدولية. فالسلطات الإيرانية لا تزال تؤكد على "أهمية الالتزام بالحجاب"، مما يشير إلى أن تطبيق القانون سيستمر ولكن بأساليب مختلفة، قد تشمل المراقبة الإلكترونية أو العقوبات غير المباشرة.
تداعيات القرار
داخليًا: قد يسهم القرار في تهدئة الغضب الشعبي، لكنه قد لا يكون كافيًا لإرضاء قطاعات واسعة من المجتمع، خاصة في ظل استمرار الاحتجاجات المتقطعة التي تطالب بإصلاحات أعمق تتجاوز قضية الحجاب إلى قضايا الحريات العامة والحقوق السياسية.
خارجيًا: قد يساعد هذا التعديل في تحسين صورة إيران دوليًا، خاصة مع استمرار الضغوط الغربية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، لكنه قد يُفسَّر أيضًا على أنه خطوة تكتيكية أكثر من كونه تغييرًا جوهريًا في السياسات الاجتماعية للنظام.
يبقى إلغاء شرطة الآداب خطوة لافتة، لكنها لا تعني بالضرورة تغييرًا جوهريًا في النهج الإيراني تجاه الحريات الشخصية. فمن المحتمل أن تكون هذه الخطوة جزءًا من إعادة هيكلة لضبط الإيقاع الاجتماعي والسياسي، دون التخلي الفعلي عن السيطرة على المظاهر العامة للالتزام بالقانون الإسلامي. ومع استمرار الضغوط الداخلية والخارجية، سيكون مدى جدية هذا القرار مرتبطًا بآليات تطبيقه وما إذا كان سيفتح الباب أمام إصلاحات أوسع أم سيظل مجرد إجراء استيعابي مؤقت.