اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

قائد الحرس الثوري الإيراني يتوعد واشنطن بهجوم رادع

قائد الحرس الثوري الإيراني
قائد الحرس الثوري الإيراني


شهدت الساحة الإقليمية تصعيدًا كبيرًا عقب تنفيذ الولايات المتحدة ضربات عسكرية واسعة النطاق على اليمن، حيث بررت واشنطن هذه الضربات بأنها رد على الهجمات الحوثية على حركة الشحن في البحر الأحمر. وقد أسفرت هذه العمليات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، ما أدى إلى تفاقم التوترات في المنطقة. تأتي هذه التحركات العسكرية في ظل سياسة أمريكية متشددة تجاه النفوذ الإيراني، حيث تسعى إدارة ترامب إلى الضغط على طهران لوقف دعمها لحلفائها في المنطقة، لا سيما الحوثيين.
استراتيجيات الردع

في معرض تعليقه على الهجمات الأمريكية، صرح قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، بأن الولايات المتحدة لم تستفد من دروس التاريخ، وأن الحرب لا تشكل حلًا لمشكلاتها. هذه التصريحات تعكس موقفًا إيرانيًا قائمًا على انتقاد النهج العسكري الأمريكي في التعامل مع الأزمات الإقليمية، معتبرًا أن التصعيد العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد.
كما أكد سلامي أن إيران لن تبدأ الحروب، لكنها سترد بحسم على أي تهديد يستهدفها، مما يشير إلى أن طهران تتبع استراتيجية ردع تهدف إلى منع التصعيد العسكري المباشر ضدها، مع الإبقاء على خيارات الرد مفتوحة.
ومن ناحية أخرى، نفى سلامي أي دور مباشر لإيران في رسم سياسات الحوثيين، مشددًا على أن أنصار الله يتخذون قراراتهم الاستراتيجية بشكل مستقل. هذا الموقف الإيراني يتماشى مع نهجها التقليدي في التنصل من المسؤولية المباشرة عن تصرفات حلفائها الإقليميين، في محاولة لتجنب تحميلها مسؤولية التصعيد العسكري الحاصل.
تصعيد أمريكي

على الجانب الأمريكي، أطلق الرئيس دونالد ترامب تحذيرات شديدة اللهجة تجاه الحوثيين، مؤكدًا أنهم سيواجهون "جحيمًا لم يروه من قبل" إذا استمروا في شن الهجمات. كما طالب إيران بوقف دعمها للحوثيين فورًا، مهددًا بـ محاسبة طهران بالكامل على تصرفات وكلائها في المنطقة.
هذه التصريحات تعكس استراتيجية الضغط الأقصى التي تنتهجها إدارة ترامب، حيث تسعى واشنطن إلى زيادة الضغوط العسكرية والاقتصادية على إيران بهدف دفعها إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي وسياستها الإقليمية. كما أن استمرار الضربات العسكرية الأمريكية على اليمن لمدة أيام أو حتى أسابيع يشير إلى أن الولايات المتحدة تتبنى نهجًا تصعيديًا يستهدف تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة.
تهديد إيراني
ردًا على التصريحات الأمريكية، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الولايات المتحدة لا تملك الحق في إملاء سياسات إيران الخارجية، معتبرًا أن التدخل الأمريكي في الشأن الإيراني غير مشروع. كما دعا إلى وقف الحرب في اليمن، في محاولة لعكس صورة إيران كمدافع عن القضايا الإقليمية، وليس كطرف متورط في الصراع.
تكشف تصريحات عراقجي تكشف عن مسارين متوازيين في السياسة الإيرانية:
الأول: المسار الدبلوماسي الذي يسعى إلى نفي الاتهامات الأمريكية وتصوير طهران كقوة مستقلة ترفض الإملاءات الخارجية.
الثاني: المسار العسكري غير المباشر، حيث تستمر إيران في دعم حلفائها دون الاعتراف العلني بذلك، مما يمنحها مساحة للمناورة أمام الضغوط الدولية.
الأبعاد الاستراتيجية وتأثيرات التصعيد
يأتي التصعيد الأمريكي في اليمن ضمن إطار أوسع من الضغوط المتزايدة على طهران، خاصة في ظل محاولة واشنطن تحجيم دور إيران الإقليمي وإضعاف حلفائها العسكريين. ومع استمرار الضربات العسكرية، هناك احتمالان رئيسيان:
الأول: أن يؤدي التصعيد إلى مواجهة عسكرية غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، عبر استهداف واشنطن لوكلاء طهران الإقليميين، مما قد يفاقم عدم الاستقرار في المنطقة.
الثاني: أن يدفع هذا الضغط إيران إلى تعزيز موقفها التفاوضي من خلال إبداء استعداد مشروط للجلوس على طاولة المفاوضات، لكن دون تقديم تنازلات كبرى.