اعتراف فرنسا المحتمل بدولة فلسطين يثير غضب إسرائيل

أثار إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكانية اعتراف باريس بدولة فلسطين في يونيو المقبل، ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي، لا سيما من وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي وصف الخطوة بأنها "مكافأة للإرهاب"، معتبراً أنها ستُشكّل تعزيزاً لمكانة حركة "حماس"، ولن تسهم في تحقيق السلام أو الاستقرار في المنطقة.
وفي تصريح عبر منصة "إكس"، قال ساعر: "الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية وهمية، في ظل الظروف الحالية، هو تشجيع للإرهاب"، منتقداً ما اعتبره تجاهلاً للواقع الميداني والأمني في المنطقة.
فرنسا على أعتاب قرار تاريخي
يأتي هذا التوتر عقب تصريحات ماكرون لقناة "فرانس 5"، حيث أعلن أن فرنسا "ستتقدم نحو الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأشهر المقبلة"، وربما يتم ذلك رسميًا خلال مؤتمر حول فلسطين يُعقد في نيويورك في يونيو 2025. وأكد ماكرون أن هذه الخطوة لا تأتي في معزل عن رؤيته السياسية، بل ضمن "دينامية جماعية" تهدف إلى تحقيق حل الدولتين، وتثبيت مبدأ الاعتراف المتبادل، حيث أشار إلى ضرورة أن يتزامن الاعتراف بفلسطين مع تأكيد دعم وجود دولة إسرائيل وأمنها.
دلالات الخطوة الفرنسية
ما يضفي أهمية كبرى على الموقف الفرنسي هو أن فرنسا، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، ستكون أول قوة دائمة تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية، ما يمثل تحوّلاً نوعياً في ميزان الاعتراف الدولي، بعد أن سبقتها دول مثل إسبانيا، آيرلندا، النرويج وسلوفينيا خلال عام 2024.
ويُعد هذا التحوّل في السياسة الخارجية الفرنسية جزءًا من مساعٍ أوسع لتعزيز الاستقرار الإقليمي، خاصة مع الانهيار المتكرر لمسارات التفاوض، وتصاعد التوتر في غزة والضفة الغربية. كما يعكس تغيرًا تدريجيًا في مواقف بعض القوى الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، في ظل تراجع دور الولايات المتحدة كوسيط محايد في نظر عدد من الدول.
ردود الفعل الإسرائيلية.. رفض مستمر لحل الدولتين
رغم تزايد الاعتراف الدولي بفلسطين، لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض حل الدولتين، متمسكاً بسياسات أمنية أحادية الجانب، وبتوسيع السيطرة العسكرية في الأراضي الفلسطينية. ويأتي ذلك في سياق أوسع من الرفض الإسرائيلي لأي خطوات دولية تُفرض خارج إطار المفاوضات المباشرة التي ترى فيها تل أبيب وسيلة للسيطرة على الشروط.
تصعيد رمزي أم تحول استراتيجي؟
بينما ترى إسرائيل أن الاعتراف بفلسطين في هذا التوقيت يخدم مصالح "متطرفة"، تعتبر فرنسا ومن يدعم موقفها أن الخطوة ضرورية لإعادة إحياء العملية السياسية وإنهاء الجمود الذي دام سنوات. فالمسألة ليست مجرد إعلان رمزي، بل محاولة لتغيير معادلة "الستاتيكو" التي أدت إلى تفاقم العنف، وتهميش أي أفق لحل شامل.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيتحول اعتراف فرنسا إلى محفز لتحرك أوروبي أوسع، أم سيؤدي إلى مزيد من التوتر مع إسرائيل في ظل الرفض المعلن لحل الدولتين؟.