شي يبدأ جولة آسيوية لتعزيز تحالفات الصين وسط تصاعد الحرب التجارية مع واشنطن

في ظل التصعيد المتزايد للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، يتحرك الرئيس الصيني شي جين بينغ لتوسيع دوائر التحالفات الإقليمية عبر زيارة مرتقبة لثلاث دول في جنوب شرق آسيا، تشمل فيتنام وماليزيا وكمبوديا، في جولة تبدأ منتصف أبريل. وتشير هذه الخطوة إلى توجه استراتيجي جديد لبكين يهدف إلى تحصين الاقتصاد الصيني أمام تصاعد الضغوط الأميركية، وخلق توازنات إقليمية قادرة على تخفيف وطأة المواجهة مع واشنطن.
أولوية دبلوماسية إقليمية
اختيار دول جنوب شرق آسيا كأول محطة خارجية للرئيس الصيني هذا العام يحمل رسائل واضحة بأن الدبلوماسية الإقليمية أصبحت في مقدمة أدوات الصين لمواجهة الضغوط الخارجية، خاصة بعد أن ترأس شي مؤتمراً خاصاً بالدبلوماسية مع دول الجوار، ركّز فيه على ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي كأولوية استراتيجية.
وتُعد الدول الثلاث وجهات محورية ضمن خطة الصين لتأمين بدائل في سلاسل التوريد، خصوصاً بعد أن استفادت فيتنام وماليزيا وكمبوديا خلال السنوات الماضية من إعادة تموضع سلاسل الإمداد العالمية، هرباً من الرسوم الجمركية الأميركية على المنتجات الصينية. غير أن هذا التموضع جعلها أيضاً تحت المجهر الأميركي، وسط اتهامات بإعادة شحن البضائع الصينية عبرها.
ملفات معقدة على طاولة الجولة:
رغم التقارب الاقتصادي، فإن العلاقات بين بكين وهذه الدول ليست خالية من التوترات.
فيتنام ما تزال على خلاف مع الصين بشأن السيادة في بحر الصين الجنوبي.
كمبوديا تدرس استئناف التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، ما يضعها في موقف حساس أمام بكين.
ماليزيا تواجه ضغوطًا أميركية بشأن دورها المحتمل في إعادة تصدير رقائق "إنفيديا" إلى الصين، وهي قضية قد تؤثر على علاقاتها مع الطرفين.
تصعيد تجاري متبادل بين واشنطن وبكين
جولة شي تأتي في وقت شديد الحساسية، بعد أن صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب من وتيرة الحرب التجارية بإعلانه رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية إلى 145%، في واحدة من أكثر الإجراءات عدوانية منذ بداية النزاع الاقتصادي. هذا القرار جاء عقب تعليق مؤقت للرسوم الجمركية على أكثر من 75 دولة لمدة 90 يوماً، كجزء من استراتيجية "التحالف التجاري البديل" لعزل الصين اقتصادياً.
وفي رد مباشر، فرضت الصين رسوماً جمركية بنسبة 84% على الواردات الأميركية، وأعلنت استعدادها "للقتال حتى النهاية" في هذه المواجهة الاقتصادية، بالتوازي مع إجراءات تصعيدية أخرى شملت:
قيوداً على استيراد أفلام هوليوود.
عقوبات على شركات دفاع أميركية مرتبطة بالبنتاجون.
تحذيرات رسمية للمواطنين من السفر إلى الولايات المتحدة لأسباب أمنية.
دعوات للحوار مشروطة
رغم التصعيد، لم تغلق بكين الباب أمام الحوار، إذ أعلنت وزارة التجارة الصينية أن الصين "منفتحة على المحادثات" شريطة أن تُجرى على أساس من الاحترام المتبادل والمساواة، في إشارة إلى رفض الإملاءات الأميركية.
جولة شي جين بينغ إلى جنوب شرق آسيا تعكس تحركاً استراتيجياً للصين لترميم توازناتها الإقليمية والاقتصادية، في ظل تصعيد متسارع للحرب التجارية مع الولايات المتحدة. هذه الجولة ليست مجرد زيارات دبلوماسية، بل هي رسالة متعددة الأبعاد موجهة لواشنطن، بأن بكين تمتلك بدائل، وتحشد شركاء في محيطها الجغرافي لحماية مصالحها.
في المقابل، تسعى إدارة ترمب لعزل الصين من خلال تحالفات جمركية بديلة ورفع كلفة التصعيد الاقتصادي. وبين هذا وذاك، يبقى جنوب شرق آسيا ساحة تنافس مفتوحة، تتداخل فيها المصالح الاقتصادية مع التوترات الجيوسياسية.