علاقة الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي.. الأسرار والتفاصيل وراء توطيد العلاقات
تشتهر العلاقة بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي بالتواطؤ والدعم الوثيق، حيث يتدفق المليارات من الدولارات كمساعدات أمريكية إلى إسرائيل سنويًا، وتجاوزات الولايات المتحدة قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدين إسرائيل، وتدعم علنًا هجماتها العسكرية.
وفي الوقت الحالي، يتساءل الكثيرون عن الأسباب وراء هذا الدعم القوي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، ولماذا تتجاوز الأمريكيون الحدود في دعمهم لحليفهم الشرق أوسطي؟ وهل إسرائيل بدون أمريكيا لا وجود لها؟
منذ نهاية الحرب الباردة، لعبت إسرائيل دورًا حاسمًا في الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن هذا الدور قد يبدو غريبًا بالنسبة للعديد، فكان قبيل الحرب الباردة لم تكن الولايات المتحدة دائمًا مؤيدة لقرارات إسرائيل.
ففي عام 1956، عندما غزت إسرائيل، بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، مصر، دفعت الولايات المتحدة بإسرائيل والقوات الغازية إلى الانسحاب في نهاية المطاف، كان الهدف من ذلك هو الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومنع بريطانيا من تحقيق النصر في العدوان واستعادة نفوذها في المنطقة العربية، وكانت الولايات المتحدة تخشى تنامي نفوذ الاتحاد السوفيتي في مصر والعالم العربي، وفقًا لدراسة نشرتها الدكتورة راما عزيز دراز من جامعة بيروت العربية.
وحتى عندما قررت الولايات المتحدة دعم إسرائيل، كان الأمر يتعلق بالحسابات الاستراتيجية الباردة بدرجة أكبر من الدعم السياسي الداخلي الذي نشهده اليوم، بدأت العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتطور بشكل كبير بعد عام 1967، وفقًا لما ذكره مايكل بارنيت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن.
تغيرت الاحتياجات الاستراتيجية للولايات المتحدة، ورأى القادة الأمريكيون أن إسرائيل يمكن أن تكون أداة فعالة في مواجهة نفوذ الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط، والذي كان يمثل تهديدًا كبيرًا للدول العربية، استخدمت الولايات المتحدة الدعم الدبلوماسي والعسكري لتعزيز القوة الإسرائيلية وجعلها جزءًا قويًا من الكتلة المناهضة للسوفيت.
ومنذ انهيار جدار برلين ونهاية الحرب الباردة، استمرت المساعدات الأمريكية لإسرائيل في التدفق، رغم التغيرات الجيوسياسية، منذ ذلك الحين استمرت العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة في التطور والتعمق، تستند هذه العلاقة إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الروابط الثقافية والديمقراطية والاقتصادية والأمنية.
على صعيد الأمن، تعاونت إسرائيل والولايات المتحدة في مجالات متعددة مثل تطوير التكنولوجيا العسكرية، حيث قدمت الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا هامًا لإسرائيل، بما في ذلك توفير التجهيزات العسكرية المتطورة والمساعدة في تعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل، كما تستفيد إسرائيل من الدعم الدبلوماسي الأمريكي في المحافل الدولية.
من الناحية الاقتصادية، تعد الولايات المتحدة شريكًا تجاريًا رئيسيًا لإسرائيل، حيث تتبادل البلدين التجارة والاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتقدم الولايات المتحدة مساعدات اقتصادية لإسرائيل بهدف تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة.
وظل الاستقرار في الشرق الأوسط يشكل مصلحة أميركية رئيسية، لعدد من الأسباب، أبرزها سوق النفط العالمية، وتولت الولايات المتحدة دور الضامن للاستقرار الإقليمي، وهذا يعني أن الولايات المتحدة رأت أنه من المفيد من الناحية الاستراتيجية دعم دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، والتي رأت أنها تستفيد من النهج الأمريكي المحافظ في الأساس في التعامل مع السياسات الإقليمية في الشرق الأوسط.
علي الرغم من العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتي تعتبر الأكثر تعقيدًا واهتمامًا في الساحة الدولية، قال حسين إبيش، الناشط المعروف في الدفاع عن قضايا العرب في الولايات المتحدة، ان العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلب طرفًا ثالثًا للتوسط والتفاهم.
يعتبر الدعم الأمريكي لإسرائيل بمثابة رسالة أن الولايات المتحدة تحافظ على مصالحها أثناء المفاوضات، وتسعى لإقناع إسرائيل بأنها قادرة على المشاركة في محادثات السلام بأمان، هذا يعزّز فرص جذب الإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات والحفاظ على وجودهم هناك.
وأكد ابيش ان العوامل الاستراتيجية المختلفة على توحيد نهج السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل عبر الإدارات المتعاقبة، بالرغم من الخلافات الواسعة في السياسات الخارجية للرؤساء السابقين، فقد رأينا تأييدًا مستمرًا للمساعدات العسكرية والسياسية لإسرائيل من قبل إدارات بوش وكلينتون وأوباما وبايدن. يُعَزَّى دعم إسرائيل إلى سياسة جيدة في الولايات المتحدة وراء هذا التوافق.
عمستقبل إسرائيل في المحكّ
أثارت تصريحات زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور تشاك شومر، قلقًا بشأن مستقبل إسرائيل، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، يعتقد شومر أن قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تؤدي إلى عزلة إسرائيل على المستوى العالمي، حتى في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، يعبّر شومر عن قلقه من أن نتنياهو قد يعرقل إجراء الانتخابات في إسرائيل حتى عام 2026، مما يهدد بإنهاء مستقبل البلاد إذا لم يتم تقديم الدعم الأمريكي لها.
وفي هذا السياق، يؤكد شومر أن حل الدولتين يبدو صعبًا، لكنه يعتبره الحل الوحيد الذي يجب أن تتغير فيه الأمور، ويشير إلى وجود أربعة عوائق أمام تحقيق السلام، بدءًا من التطرف اليميني الإسرائيلي وصولاً إلى الجماعات المتطرفة الفلسطينية، أكد شومر أن وقف إطلاق النار الفوري سيسمح للجماعات المتطرفة بتجديد قوتها وشن هجمات جديدة، وبالتالي يرفض أي اقتراح يترك السلطة في أيدي هذه الجماعات، ويؤكد ضرورة حرمانها من السلطة من أجل إعطاء الأمل للفلسطينيين.
ويعتبر شومر أن التطرف اليميني الإسرائيلي في الحكومة والمجتمع يشكل عقبة أخرى أمام تحقيق السلام، ويشدد على ضرورة العمل مع شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لإبرام صفقة كبيرة في المنطقة.
كما يؤكد أن السلطة الفلسطينية يجب أن تقوم بالإصلاحات لتصبح أساس الدولة الفلسطينية، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعد واحدة من عوائق تحقيق السلام.
وذكر شومر أن إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل قد يكون السبيل الوحيد لوضع البلاد على المسار الصحيح نحو مستقبلها، ويشير أن الدعم الأمريكي لإسرائيل قد يعاني إذا استمر نتنياهو في السلطة.