هل توافق إيران على تأجيل الانتقام من إسرائيل في مقابل التوصل إلى هدنة في غزة؟
بينما يترقب العالم ردود إيران وحلفائها على إسرائيل، تثار تساؤلات حول إمكانية إقناع طهران بالتراجع عن تهديداتها بالانتقام مقابل تقدم ملموس في مفاوضات غزة. وكان الأمل في تحقيق هذا التوازن هو ما دفع الزعماء الإقليميين إلى عقد قمة طارئة في جدة، كما أفادت تحليل شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وشهدت المنطقة توتراً ملحوظاً يوم الأربعاء، إثر إلغاء الرحلات الجوية عبر إيران والدول المجاورة لها، وسط مخاوف من احتمال انطلاق الصواريخ في أي لحظة، مما قد يؤدي إلى تصعيد مقلق في الصراع الإسرائيلي على قطاع غزة الذي يواصل شهره الحادي عشر.
بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران الأسبوع الماضي، تعهد المسؤولون الإيرانيون، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، بالانتقام من إسرائيل، التي يتهمونها بالمسؤولية عن الحادث، رغم أن إسرائيل لم تؤكد أو تنف مسؤوليتها.
وفي هذا السياق، عُقد اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، بهدف منع تدهور الوضع إلى صراع أوسع نطاقاً. وبعد الاجتماع، أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن "الخطوة الأولى نحو وقف التصعيد هي إنهاء السبب الجذري، وهو العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة". الصفدي كان قد زار طهران خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث التقى بوزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري والرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
في المقابل، تجري جهود لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتخفيف موقفه في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس. ورغم أن هذه الجهود ليست جديدة، فإن الظروف الحالية قد تسهم في تغييرها. ويبدو أن هناك حيوية متجددة في المفاوضات بعد تسريب إسرائيلي عن وصولها إلى طريق مسدود.
أعلن مكتب نتنياهو أمس الخميس استجابته لطلب قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر بإرسال وفد لاستكمال المفاوضات منتصف الشهر الجاري. وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد أشار قبل يومين إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد حذروا إسرائيل وإيران من تصعيد الصراع، مضيفاً أن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة دخلت "مرحلة نهائية" وقد تكون مهددة بسبب التصعيد في مناطق أخرى.
من جانبها، ترى "سي إن إن" أن إيران تحتاج إلى غطاء دبلوماسي للتراجع عن تهديداتها ضد إسرائيل بعد مقتل هنية، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار في غزة قد يسمح لطهران بالادعاء بأنها تهتم بحياة الفلسطينيين أكثر من اهتمامها بالانتقام.
أضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثقله الدبلوماسي بالإعلان في مكالمة هاتفية مع بزشكيان يوم الأربعاء، بأن الانتقام من إسرائيل "يجب أن يُتخلى عنه". ومن جانبه، حذر بزشكيان، قائلاً: "إذا كانت أمريكا والدول الغربية تريد حقاً منع الحرب، فيجب عليها التوقف فوراً عن بيع الأسلحة ودعم إسرائيل وإجبارها على وقف إطلاق النار في غزة".
مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الحادي عشر، والتي أسفرت عن حوالي أربعين ألف قتيل فلسطيني، لا تزال نهاية الصراع غير واضحة. ومن أجل نجاح خطة وقف إطلاق النار، يتعين على نتنياهو أن يقتنع بها أيضاً، وفقاً ل"سي إن إن".
ووفقاً للإجماع في منظمة التعاون الإسلامي، قد يأتي التغيير من الخارج، من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يمتلك النفوذ لتهدئة نتنياهو. لكن بعد مرور ما يقرب من عام على الصراع، يرفض بايدن المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية المتشددة، مما يساهم في زيادة الإحباط.
مع مغادرة وزير الخارجية الإيراني بالوكالة إلى طهران بعد اجتماع طارئ دام أربع ساعات، تحولت الأنظار مرة أخرى إلى حزب الله اللبناني، الذي يخطط أيضاً للانتقام لمقتل قائده العسكري الأعلى فؤاد شكر في بيروت قبل ساعات من مقتل هنية.
وأوضح مسؤول أمريكي ومسؤول استخبارات غربي لشبكة "سي إن إن" أن المخاوف بشأن تصرف حزب الله أصبحت أكبر من تلك المتعلقة بإيران، مما يثير احتمال أن يتصرف الحزب دون تنسيق مع إيران. ومن المحتمل أن يؤدي أي تصعيد من حزب الله إلى تصعيد إقليمي شامل قد يشمل إيران، وهو ما يسعى الجميع لتجنبه.