هاريس.. بين مواجهة الاستبداد ودبلوماسية الصواريخ النووية
في خطاب قبولها كمرشحة رئاسية عن الحزب الديمقراطي، عبرت كامالا هاريس عن معارضتها الشديدة لما وصفته بـ«الزعماء الاستبداديين»، مؤكدة أنها لن تقيم أي علاقات مع دكتاتوريين مثل كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية. كما انتقدت هاريس خصمها الجمهوري دونالد ترامب لاستعداده للتعامل مع هؤلاء القادة، وشددت على التزامها بالقيم الديمقراطية الأمريكية والزعامة العالمية.
رغم هذا التباين في الآراء السياسية، تبقى تفاصيل استراتيجية هاريس بشأن القضية النووية لكوريا الشمالية غير واضحة، وفقًا لصحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية. تشير الصحيفة إلى أن بيونغ يانغ قد تستمر في سياسة الصبر الاستراتيجي مع التركيز على الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن التقدم في تكنولوجيا الصواريخ النووية في كوريا الشمالية، والذي قد يتسارع بسبب الدعم الروسي، يشكل تهديدًا متزايدًا للولايات المتحدة، مما يزيد من خطر الانتشار النووي في شمال شرق آسيا.
في هذا السياق، قد تضطر هاريس قريبًا إلى التعامل مع هذه التهديدات بشكل مباشر، مع ضرورة التفكير في نهج أكثر استباقية يجمع بين الردع والدبلوماسية لإدارة المخاطر النووية المتزايدة في المنطقة.
أظهرت كوريا الشمالية مؤخراً إشارات أولية على استعدادها لإعادة التواصل مع المجتمع الدولي، مثل مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 ودعوة أساتذة أوروبيين وأمريكيين للتدريس في جامعة بيونغ يانغ للعلوم والتكنولوجيا. هذه الخطوات قد تشير إلى استعدادها لإعادة تقييم سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
بيد أن استعداد كوريا الشمالية للتواصل مع الغرب سيعتمد على قدرة الإدارة الأمريكية الجديدة على تقديم نهج عملي يعالج مخاوفها الأمنية وحوافزها الاقتصادية. من المحتمل أن تعطي إدارة هاريس الأولوية لنزع السلاح النووي كسياسة أساسية تجاه كوريا الشمالية، مع السعي لإجراء محادثات دون شروط مسبقة على غرار نهج إدارة بايدن.
ومع ذلك، قد تدرك هاريس أن تحقيق نزع السلاح النووي الكامل في الأجل القريب يبدو غير واقعي. لذا، قد تركز في البداية على خطوات صغيرة وتدريجية، مثل ضبط الأسلحة ومنع الانتشار، بدلاً من التفاوض على صفقات كبرى قد تكون غير ممكنة في ظل الوضع الجيوسياسي الحالي.
من المرجح أن تتجنب هاريس القمم الثنائية الرفيعة المستوى التي عقدها ترامب مع كيم جونغ أون، وبدلاً من ذلك، قد تفضل نهجًا على مستوى العمل ومتعدد الأطراف. بحسب الصحيفة، فإن تدابير ضبط الأسلحة النووية المتعددة الأطراف قد تكون فعالة في كبح سباق التسلح الإقليمي ومنع المزيد من التطوير النووي من قبل كوريا الشمالية، بالإضافة إلى السيطرة على الانتشار النووي في المنطقة.
ومع تقدم قدرات كوريا الشمالية النووية، تزايدت الشكوك في سول بشأن فعالية الردع الموسع الذي قد تقدمه الولايات المتحدة. التحدي الرئيسي لإدارة هاريس سيكون إقناع كوريا الجنوبية بدعم الانتقال إلى إطار متعدد الأطراف لضبط الأسلحة، والذي قد يُنظر إليه على أنه إضعاف لضماناتها الأمنية.
لمعالجة هذه المخاوف، يجب على الولايات المتحدة أن تثبت أن ضبط الأسلحة المتعدد الأطراف سيعزز أمن كوريا الجنوبية من خلال تقليل التهديد النووي من كوريا الشمالية، مع الحفاظ على موقف ردع قوي. هذا النهج لن يتخلى عن نزع السلاح النووي، بل سيوفر خطوة أولى نحو تحقيقه على المدى الطويل في شبه الجزيرة الكورية. من الضروري أن توازن هاريس بين الدبلوماسية المتعددة الأطراف واستراتيجية الردع الموثوقة لطمأنة الحلفاء مثل كوريا الجنوبية واليابان في مواجهة القضايا النووية الإقليمية.