آفاق جديدة.. ليبيا تستعيد عافيتها المالية والسياسية
فتحت جهود حل أزمة مصرف ليبيا المركزي آفاقًا جديدة أمام الليبيين، حيث وضعت البلاد على مسار الاستقرار المالي، مما يمهد الطريق لتوحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات في المستقبل القريب.
في هذا السياق، أُفرج عن قائمة مجلس إدارة المصرف المركزي، التي تم تعيينها وفقًا للمدة القانونية المحددة بثلاث سنوات، وفقًا للقانون رقم 1 لعام 1993 المتعلق بالمصارف والنقد والائتمان.
رفض المجلس الرئاسي للقرار
ومع ذلك، واجه البرلمان تحديًا جديدًا من المجلس الرئاسي، حيث صرح مستشار المجلس، زياد دغيم، بأن قرار هيئة رئاسة مجلس النواب يحتوي على ثلاث مخالفات قانونية. وأوضح أن هذه المخالفات تتعلق بعدم الاختصاص ومخالفة قرار ترشيح المحافظ المؤقت ناجي عيسى، بالإضافة إلى عدم تحديد وكيل عام وزارة المالية المسؤول عن تنسيق السياسة المالية مع النقدية في البلاد.
توقع دغيم الطعن قضائيًا في هذا القرار أو إصدار المجلس الرئاسي لقرار جديد لتصحيح "المخالفات الجسيمة" التي ارتكبها البرلمان، حيث اعتبر أن هذه المخالفات تتطلب تصحيحًا عاجلًا من قبل السلطات المعنية.
دفاع عن الإجراءات القانونية
في المقابل، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن عملية اختيار واعتماد أعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي تمت وفقًا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 2005. ورأى أن الاعتراضات المتداولة على هذا الإجراء تفتقر إلى الأسس القانونية، مشيرًا إلى أن المعارضين هم فقط من لا يتفقون مع القرارات المتخذة.
وأضاف بن شرادة أن تشكيل مجلس الإدارة يجب أن يشمل تنوعًا في الخبرات المالية والاقتصادية والقانونية، مما يعكس الحاجة إلى كفاءات متعددة تدعم العملية المالية والنقدية في البلاد. وأكد على أهمية وجود خبرات عملية كافية تساهم في تعزيز أداء المصرف المركزي.
التركيز على الجوانب المحاسبية
سلط الخبير الاقتصادي الليبي أحمد محمد الضوء على السير الذاتية لأعضاء مجلس الإدارة، مشيرًا إلى أن معظم الأعضاء لديهم خلفيات محاسبية. ورغم أهمية هذه الخبرات، حذر محمد من أن هذا التوجه قد يتسبب في إغفال القضايا الاقتصادية الحيوية، مثل مكافحة التضخم واستقرار سعر الصرف، مما يستدعي الحاجة إلى شخصيات أكاديمية اقتصادية لدعم المجلس.
وأكد محمد أن السلطة التشريعية تميل إلى اعتبار المسألة الاقتصادية في ليبيا مسألة محاسبية نظرًا لارتباطها بقضيتين رئيسيتين: توزيع الموارد والفساد. وأشار إلى أن الفهم المحاسبي هو أمر ضروري لمعالجة هاتين القضيتين بفعالية.
إنهاء الأزمة
من جهته، أكد المحلل السياسي وسام عبد الكبير أن أزمة مصرف ليبيا المركزي قد انتهت منذ توقيع الاتفاق برعاية البعثة الأممية، مشيرًا إلى أن اعتماد مجلس النواب لهيئة إدارة المصرف يمثل خطوة نحو إغلاق ملف "المركزي". واعتبر عبد الكبير أن هذا التطور قد فتح أفقًا جديدًا ومنح الثقة للبعثة الأممية لمتابعة معالجة باقي المسارات الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلاد.
تحصين البنك ضد التدخلات السياسية
وقد رحبت البعثة الأممية بتعيين مجلس إدارة المصرف المركزي، مؤكدة على أهمية تحصين البنك ضد التدخلات السياسية للحفاظ على مصداقيته في النظام المالي الدولي. وأشارت البعثة إلى ضرورة استمرار جهود القيادة الجديدة للمصرف في تحقيق تقدم نحو إعادة توحيد المصرف وتعزيز الحوكمة.
وأعربت البعثة عن ضرورة ضمان عمل المصرف باستقلالية ونزاهة وشفافية ومساءلة، بالتوازي مع إدارته للسياسة النقدية بشكل فعال وإسهامه في دعم الاستقرار الاقتصادي للبلاد.
ضرورة تشكيل حكومة جديدة
في ختام المطاف، يرى الناطق باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار، أن هذه التطورات ستساهم في تعزيز العملة الوطنية وتحسين الوضع الاقتصادي. وأكد شوبار أن تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت هو أمر ضروري لتخليص البلاد من الفوضى والفساد، وإرساء بيئة اقتصادية آمنة تعزز مستوى المعيشة والخدمات.
وأوضح أن الحكومة الجديدة يجب أن تكون قادرة على معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم استراتيجيات فعالة لدعم الانتعاش الاقتصادي.