هايتي تواجه تصعيدًا عنيفًا وسط انهيار أمني وتزايد أعداد النازحين
تعيش هايتي أزمة أمنية غير مسبوقة، حيث دفع عنف العصابات المتزايد آلاف السكان إلى الفرار من العاصمة بورت أو برنس ومناطق أخرى، وسط غياب ملحوظ لدور السلطات وفعالية القوى الأمنية الدولية.
تصاعد الهجمات وإغلاق المطار الرئيسي
شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا خطيرًا للعنف، حيث أطلقت العصابات النار على ثلاث طائرات تجارية، ما أدى إلى إغلاق مطار توسان لوفرتور الدولي، المطار الرئيسي في البلاد، وتعليق جميع الرحلات الجوية، بما في ذلك الرحلات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة. وعلّقت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية جميع الرحلات الجوية إلى هايتي لمدة 30 يومًا، بينما أعلنت الخطوط الجوية الأمريكية تعليق رحلاتها حتى فبراير 2025 على الأقل.
نزوح جماعي وملاجئ مكتظة
في ظل تصاعد الهجمات، رُصدت أعداد كبيرة من السكان يحملون حقائبهم هربًا من المناطق المهددة. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، تجاوز عدد النازحين داخليًّا في هايتي 700 ألف حتى سبتمبر الماضي، مع توقع ارتفاع هذا الرقم مع استمرار تدهور الأوضاع. خلال اليومين الماضيين فقط، أُجبر 4500 شخص على ترك منازلهم، بينما لجأ الآلاف إلى ملاجئ مؤقتة مثل مقر مكتب حماية المواطنين في بوردون، الذي كان سابقًا يؤوي طلاب كلية الحقوق قبل استيلاء العصابات عليه.
عنف بلا رادع وأرقام مروعة
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، لقي 1223 شخصًا مصرعهم وأصيب 522 آخرون بين يوليو وسبتمبر 2024 فقط. في النصف الأول من العام، بلغ عدد الضحايا 3900 قتيل وجريح، ليصل إجمالي عام 2023 إلى حوالي 8 آلاف ضحية.
الراهبة الفرنسية بيسي فيليب، التي تدير مدارس في حي سيتي سولاي الفقير، وصفت الوضع بقولها:
*"لم يعد الأمر إلى حيث بدأنا، بل أصبح أسوأ. العصابات استولت على المزيد من المناطق، وأجبرت المزيد من الناس على النزوح من منازلهم، وأصبحوا بلا مأوى."
فشل الجهود الدولية
رغم وجود قوة أمنية متعددة الجنسيات بقيادة كينيا منذ 6 أشهر، تفاقمت الأزمة الأمنية، وأثبتت العصابات أنها قوة يصعب القضاء عليها. صحيفة نيويورك تايمز وصفت الجهود المبذولة لاستعادة النظام بأنها "عقيمة"، مع استمرار العصابات في السيطرة على الطرق والموانئ، وممارسة القتل والاختطاف بلا رادع.
جذور الأزمة: فراغ السلطة
تعود جذور الفوضى إلى اغتيال الرئيس جوفينيل مويز في يوليو 2021، ما أدى إلى فراغ في السلطة استغلته العصابات للتوسع والسيطرة. مع غياب حكومة قوية، أصبحت هايتي ساحة للفوضى والعنف المتصاعد، ما يهدد بمزيد من الكوارث الإنسانية.
مستقبل غامض
مع تصاعد الأزمات الأمنية والإنسانية، يتزايد القلق بشأن مستقبل هايتي. الوضع المأساوي الحالي يتطلب استجابة دولية فعالة لوقف العنف وإعادة الاستقرار إلى البلاد، لكن الجهود السابقة أثبتت محدوديتها، ما يضع البلاد على حافة كارثة أكبر.