لبنان على حافة الهاوية.. تحديات ما بعد الحرب في ظل الانقسام السياسي والانهيار الاقتصادي
توشك الحرب في لبنان على إتمام شهرها الثاني، وسط دمار غير مسبوق، في وقت لا تزال فيه الجهود الأمريكية لوقف إطلاق النار تواجه العديد من العقبات والمطبات، مما يجعل التوصل إلى اتفاق بعيد المنال. وفي ظل هذا الواقع المرير، بات الحديث في لبنان يتركز على خيارات "اليوم التالي للحرب"، في بلد يعاني أصلاً من فراغ رئاسي مستمر منذ أكثر من عامين وأزمة اقتصادية خانقة تضرب جميع مفاصل الدولة.
لبنان في أسوأ لحظة ممكنة
تقول مجلة "فورين آفيرز" إن الحرب قد حلت في "أسوأ لحظة ممكنة"، حيث يواجه لبنان حالة من الجمود السياسي، ما يمنعه من انتخاب رئيس جديد. هذا الوضع قد أضعف مؤسسات الدولة بشكل كبير، بما في ذلك قوات الأمن الداخلي، مما دفع العديد من المواطنين إلى اللجوء إلى "خدمات الحماية الذاتية الخاصة" التي غالباً ما تكون تابعة لأحزاب سياسية رئيسية، في مؤشر على انهيار المؤسسات الحكومية وضعف السلطة المركزية.
صعوبات التعافي من الصدمات المتتالية
ويشير تقرير المجلة إلى أن لبنان لم يتعافَ بعد من آثار انفجار مرفأ بيروت في عام 2020، الذي كان واحدًا من أقوى الانفجارات غير النووية في التاريخ، وفقًا للمنظمات الدولية. وتُضاف هذه الصدمة إلى سلسلة من الأزمات المستمرة التي يعاني منها البلد، بدءًا من انهيار النظام المصرفي، إلى تفشي الفقر وتدهور البنية التحتية.
الأزمة الاقتصادية: من تدهور إلى آخر
من جهة أخرى، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية طاحنة استمرت على مدار خمسة أعوام، قادت إلى تدمير الطبقة المتوسطة وزيادة معدلات الفقر بشكل غير مسبوق. وفقاً للبيانات الرسمية، ارتفعت نسبة الفقر من 12% في عام 2012 إلى 44% في عام 2022. وقد انعكست هذه الأوضاع سلبًا على مستوى الحياة اليومية للمواطنين، الذين يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والدواء.
المخاوف من انفجار اجتماعي
تخشى الأوساط الدولية من أن الوضع الإنساني الصعب الذي خلفته الحرب قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي غير مسبوق. فقد اضطر أكثر من 1.4 مليون لبناني إلى النزوح من منازلهم ومغادرة المناطق التي تعرضت للقصف، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والإنساني في البلاد. وتضاف إلى هذه الأزمة تحديات الانقسام الطائفي في لبنان، حيث تتوزع المناطق بين مسيحيين، ومسلمين سُنة، وشيعة، ما يزيد من صعوبة إيجاد حلول توافقية، ويهدد بنشوب توترات طائفية قد تتفاقم مع استمرار الحرب.
الخيارات الصعبة في مرحلة ما بعد الحرب
في ظل هذه الظروف الصعبة، يواجه لبنان تحديات هائلة في مرحلة ما بعد الحرب. فإعادة بناء الدولة بعد صراع طويل تتطلب إصلاحات جذرية على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولكن مع وجود فراغ سياسي وعدم قدرة على تشكيل حكومة مستقرة، يبقى التساؤل حول ما إذا كان لبنان قادرًا على تجاوز هذه الأزمة البنيوية والوصول إلى استقرار دائم.