ألف يوم من الحرب.. أوكرانيا بين الصمود العسكري والتحديات السياسية في ذكرى الغزو الروسي
تحيي أوكرانيا اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 ذكرى مرور ألف يوم على الغزو الروسي، في وقت يواجه فيه الشعب الأوكراني تحديات كبيرة على جبهات متعددة، وتتعرض العاصمة كييف لعدة ضربات من الطائرات المسيرة والصواريخ. ورغم الصعوبات المستمرة، حصلت أوكرانيا على دفعة معنوية من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعطى الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ الأميركية لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، في خطوة تهدف إلى تقليص خيارات موسكو في شن الهجمات وإمداد جبهاتها.
لكن هذا التحول في السياسة الأميركية يظل عرضة للتغيير في حال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، حيث حذر خبراء عسكريون من أن هذا التغيير لن يكون كافيًا بمفرده لتغيير مسار الحرب المستمرة منذ 33 شهراً. هذه التطورات تثير تساؤلات بشأن مستقبل المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا والاصطفاف الغربي ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
خسائر بشرية واقتصادية فادحة
منذ بداية الغزو الروسي في 24 فبراير 2022، لقي آلاف الأوكرانيين حتفهم، وتعرض أكثر من 6 ملايين مواطن أوكراني للنزوح كلاجئين في الخارج. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قُتل نحو 11,743 مدنياً في أوكرانيا حتى الآن، رغم أن المسؤولين في كييف يعتقدون أن العدد أكبر من ذلك. كما انخفض عدد السكان في البلاد بنسبة تقارب الربع بسبب النزوح والوفيات.
أضافت الحرب خسائر فادحة في الجيشين الأوكراني والروسي، مع تقديرات غير رسمية تشير إلى أن مئات الآلاف من الجنود على كلا الجانبين لقوا حتفهم أو أصيبوا. ورغم أن أوكرانيا لا تكشف عن تفاصيل دقيقة بشأن هذه الخسائر العسكرية، فإن الصراع أدى إلى استنزاف كبير في الأرواح والموارد.
آثار الحرب على الشعب الأوكراني
خلفت الحرب آثارًا عميقة على المجتمع الأوكراني، حيث أصبحت الجنازات العسكرية مشهداً يومياً في المدن الكبرى والقرى النائية. يعاني الشعب من إرهاق شديد نتيجة الغارات الجوية المتواصلة وصواريخ الكروز الروسية، إضافة إلى المعاناة الناتجة عن انقطاع الكهرباء والمياه بسبب الهجمات الروسية على البنية التحتية الحيوية. تتزايد معاناة الأوكرانيين في ظل الغارات الجوية اليومية وأوقات الليل التي لا ينطفئ فيها صوت صفارات الإنذار.
تصعيد عسكري واستعدادات لمفاوضات محتملة
وفيما تواصل روسيا تعزيز قدراتها العسكرية عبر الحصول على طائرات مسيرة هجومية من إيران وصواريخ باليستية من كوريا الشمالية، تحاول أوكرانيا الاستفادة من أراضٍ صغيرة استولت عليها في الأشهر الأخيرة كمكاسب للمساومة في أي مفاوضات قادمة. في الوقت نفسه، تشهد ساحة المعركة في شرق أوكرانيا تكثيفًا للضغوط العسكرية الروسية.
ومع قرب فصل الشتاء، استأنفت موسكو الهجمات على شبكة الطاقة الأوكرانية، حيث أطلقت 120 صاروخًا و90 طائرة مسيرة في أكبر قصف جوي منذ أغسطس. هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، إذ أن كلا الجانبين يسعى لتحسين مواقعه قبل أي محادثات محتملة لإنهاء الصراع.
توجهات سياسية غامضة مع احتمالية العودة لترمب
وفي سياق سياسي ضبابي، يترقب الأوكرانيون عودة محتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل. ترمب كان قد تعهد بإنهاء الحرب سريعًا، لكنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك، مما يثير القلق لدى المسؤولين الأوكرانيين حول مستقبل الدعم الأميركي. هذه التحولات السياسية قد تؤثر بشكل كبير على مسار الحرب، وتثير تساؤلات حول مستقبل المساعدات العسكرية الغربية والتعاون الدولي ضد بوتين.
من جهة أخرى، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أي محادثات سلام شبيهة بمفاوضات مينسك التي جرت في الماضي، مؤكداً أن أوكرانيا لن تقبل بوقف إطلاق النار أو التنازل عن أي أراضٍ محتلة من قبل روسيا. "ما نحتاجه هو السلام الحقيقي، وليس مجرد تأجيل للأزمة"، قال زيلينسكي، في إشارة إلى موقف كييف الرافض لأي تسوية من دون ضمانات أمنية شاملة.
مستقبل غامض للصراع
تدخل أوكرانيا في هذه الذكرى الأليمة وهي تخوض معركة عسكرية وسياسية صعبة في وقت تبدو فيه الأفق ضبابية. ما من شك أن الاستمرار في الدفاع عن السيادة الأوكرانية في مواجهة روسيا يتطلب دعمًا قويًا ومجتمعًا دوليًا موحدًا. إلا أن التغيرات السياسية في الولايات المتحدة، والضغوط العسكرية المستمرة من روسيا، قد تؤدي إلى تغيير ملامح الصراع بشكل غير متوقع في الأيام المقبلة.